في نار جهنم، فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه، وجبينه، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار» الحديث (١).
ودلالة الحديث ظاهرة بأن اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة هو يوم القيامة.
وروى أحمد في مسنده بسنده عن أبي سعيد الخدري ﵁، عن رسول الله ﷺ قال:"ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة، كما لم يعمل في الدنيا، وإن الكافر ليرى جهنم، ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة"(٢).
الثاني: أن جماعة من المفسرين ذكروا أن استطالة هذا اليوم بوقوعه في خمسين ألف سنة، إما لشدته على الكفار أو لكثرة ما فيه من الحالات والمحاسبات (٣)، وهذا لا يكون إلا في يوم القيامة.
الثالث: مما يدل على أن المراد باليوم في قوله تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ يوم القيامة، أن الله تعالى قال في موضع آخر: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [سورة السجدة: ٥]، ولدفع إيهام التعارض بين الآيتين في المقدار المذكور، ذكر جمع من المفسرين بأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر، فيوم القيامة يطول على الكافر ويقصر على المسلم، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ [سورة المدثر: ١٠](٤).
الرابع: سياق الآيات الذي يدل على أن المراد باليوم في الآية: يوم القيامة، فقد ذهب جماعة من المفسرين بأن المراد من العذاب الواقع في قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾
(١) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب: إثم مانع الزكاة، برقم: (٩٨٧)، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١١/ ٤٣١). (٢) أخرجه أحمد في مسنده (١٨/ ٢٤٣)، برقم: (١١٧١٥)، وحسَّنه محققوا المسند. (٣) انظر: تفسير القرآن العظيم: السخاوي (٢/ ٥٠٧)، وانظر: أنوار التنزيل: البيضاوي (٥/ ٢٤٤)، وانظر: مدارك التنزيل: النسفي (٣/ ٥٣٦)، وانظر: فتح البيان: القنوجي (١١/ ١٥). (٤) انظر: الإتقان: السيوطي (٣/ ٩٤)، وانظر: دفع إيهام الاضطراب: الشنقيطي (ص: ٢٣٩)، وانظر: أضواء البيان: الشنقيطي (٥/ ٧٨٥).