هذا الموضع أفضل، ألا ترى أنه قرنه إلى ذكر الاستجابة لله تعالى وإقامة الصلاة؟ " (١).
ابن الفرس: " ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ يدل ظاهره على أن الانتصار في هذا الموضع أفضل وهو محمول على ما ذكر النخعي من أنهم كانوا يكرهون للمؤمنين أن يدلوا أنفسهم فيجترؤوا عليهم الفساق" (٢).
أصحاب القول الثاني:
الزبير الغرناطي: " ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ فأشار إلى أن هؤلاء لا يظلمون أحدا وان أقصى ما يقع منهم الانتصار ممن يظلمهم وذلك مباح لهم غير قبيح" (٣).
الرازي: " فإنه تعالى لم يرغب في الانتصار بل بين أنه مشروع فقط، ثم بين بعده أن شرعه مشروط برعاية المماثلة، ثم بين أن العفو أولى بقوله فمن عفا وأصلح فأجره على الله" (٤).
ابن كثير: " ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ أي: فيهم قوة الانتصار ممن ظلمهم واعتدى عليهم، ليسوا بعاجزين ولا أذلة، بل يقدرون على الانتقام ممن بغى عليهم، وإن كانوا مع هذا إذا قدروا وعفوا" (٥).
أبو السعود: " ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ أي ينتقمون ممن بغى عليهم على ما جعله الله تعالى لهم كراهة التذلل وهو وصف لهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر مهمات الفضائل وهذا لا ينافي وصفهم بالغفران فإن كلا منهما فضيلة محمودة في موقع نفسه ورذيلة مذمومة في موقع صاحبه" (٦).
(١) أحكام القرآن: الجصاص (٥/ ٢٦٣). (٢) أحكام القرآن: ابن الفرس (٣/ ٤٦٩). (٣) ملاك التأويل: الزبير الغرناطي (١/ ٩٦). (٤) مفاتيح الغيب: الرازي (٢٧/ ٦٠٤). (٥) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٦/ ٥٥٧). (٦) إرشاد العقل السليم: أبو السعود (٨/ ٣٤).