للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكذا قوله تعالى: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [سورة النحل: ١٥]، أي: لئلا تميد بكم (١).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ [سورة فاطر: ٤١]، أي: لئلَاّ تزولا. وقوله: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ﴾ [سورة الحج: ٦٥] يعني لئلا تقع على الأرض (٢).

الثاني: الشواهد من اللغة الدالة على جواز اجتماع الحذفين، ومن ذلك قول الشاعر:

ألا أيُّهذا الزاجري أحضرُ الوَغى … وأن أشهدَ اللذّاتِ هل أنت مُخْلدي (٣).

فأصل الكلام: ألا أيُّهذا الزاجري عن أن أحضرُ الوَغى. يريد عن حضور الوغى، وحذف (عن) فصار (أن أحضرُ الوَغى) ثم حذف (أنّ) ورفع الفعل

والوغى: الأصوات في الحرب، والوغى: الحرب. يقول: يا أيها الرجل، أنت تلحانيْ وتزجرني حتى لا أحضر الحرب، وتلومني على حضورها وعلى أن أنفق مالي في شرب الخمرْ واللذات، وأنا قد علمت أني ميت، لا يمكنني أن أدفع الموت عن نفسي، فإن كنت أنت يمكنك أن تدفع عني الموت، أطعتك فيما تأمرني به من إمساك مالي، وترك إنفاقي. وإن لم يمكنك هذا فاتركني أصرف مالي فيما أشتهي في أيام حياتيْ وانتفع به (٤).

الثالث: مما يدل على أن اجتماع الحذفين في الحروف جائز في اللغة، جواز حذف جمل متعددة، وإذا جاز حذف الجمل فلم لا يجوز حذف حرفين (٥).

من أمثلة ذلك: قوله تعالى حكاية عن مريم- ﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي


(١) انظر: جامع البيان: الطبري (١٤/ ١٨٩)، وانظر: الكشف والبيان: الثعلبي (٦/ ١١)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٥/ ١٣)، وانظر: فتح القدير: الشوكاني (٣/ ١٨٤).
(٢) انظر: التصاريف لتفسير القرآن: القيرواني (ص: ١٩٦).
(٣) البيت لطَرَفة بن العبد. ينظر: ديوان طرفة بن العبد مع الشرح (ص ٢٥)، وانظر: الكتاب (٣/ ٩٩)، وانظر: لسان العرب (١٣/ ٣٢).
(٤) انظر: شرح أبيات سيبويه: السيرافي (٢/ ٦١)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (٢٣/ ١٧).
(٥) انظر: عناية القاضي: الشهاب الخفاجي (٧/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>