قالوا: إنَّ فيه دِلالةً على جَوازِ أخذِ القيمةِ فإنَّ أخْذَ الناقةِ ببَعيرَينِ إنَّما يَكونُ باعتِبارِ القيمةِ.
وقالَ الإمامُ السَّرخسيُّ ﵀: إنَّ أداءَ القيمةِ مَكانَ المَنصوصِ عليه في الزَّكاةِ والصَّدقاتِ والعُشورِ والكَفاراتِ جائِزٌ عندَنا؛ خِلافًا للشافِعيِّ ﵀ فظَنَّ بعضُ أَصحابِنا أنَّ القيمةَ بَدلٌ عن الواجِبِ حتى لقَّبوا هذه المَسألةَ بالأَبدالِ، وليسَ كذلك؛ فإنَّ المَصيرَ إلى البَدلِ لا يَجوزُ إلا عندَ عَدمِ الأصلِ، وأداءُ القيمةِ مع قيامِ عَينِ المَنصوصِ عليه في مِلكِه جائِزٌ عندَنا، حُجتُه في ذلك قَولُه ﷺ: «في كلِّ أَربَعينَ شاةً شاةٌ»، وهذا بَيانٌ لِما هو مُجمَلٌ في كِتابِ اللهِ تَعالى؛ لأنَّ الإِيتاءَ مَنصوصٌ عليه، والمُؤتَى غيرُ مَذكورٍ فالتَحقَ بَيانُه بمُجمَلِ الكِتابِ، فصارَ كأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: وآتُوا الزَّكاةَ من كلِّ أربَعينَ شاةً شاةً» فتَكونُ الشاةُ حقًّا للفَقيرِ بهذا النَّصِّ فلا يَجوزُ الاشتِغالُ بالتَّعليلِ لِإبطالِ حَقِّه من العَينِ، والمَعنى فيه أنَّ هذا حَقٌّ ماليٌّ مُقدَّرٌ بأَسنانٍ مَعلومةٍ شَرعًا فلا يَتأدَّى بالقيمةِ كالهَدايا والضَّحايا، أو يُقالُ: قُربةٌ تَعلَّقت بمَحلِّ عَينٍ فلا يَتأدَّى بغيرِه، كالسُّجودِ لِما تَعلَّقَ بالجَبهةِ والأنفِ لم يَتأدَّ بالخَدِّ والذَّقنِ، وجَوازُ أداءِ البَعيرِ عن خَمسٍ من الإبلِ عَندي باعتِبارِ النَّصِّ لا باعتِبارِ القيمةِ، فإنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «خُذْ من الإبِلِ الإبِلَ»، إلا أنَّه عندَ قلَّةِ الإبلِ أوجَبَ من خِلافِ الجِنسِ للتَّيسيرِ على أَربابِ الأَموالِ، فإذا سمَحَت نَفسُه بأداءِ البَعيرِ فقد ترَكَ هذا التَّيسيرَ، فجازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute