واحتَجَّ أصحابُنا بحَديثٍ رُويَ عن أنَسٍ ﵁ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ:«إذا كانَ إكرامًا فلا بَأْسَ»، ذكَره صاحِبُ المُغني، ولا أعرِفُ حالَ هذا الحَديثِ ولا مَنْ خرَجه.
وقد نصَّ أحمدُ في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ على خِلافِه؛ فقيلَ له: ألَّا يَكونَ مثلَ الحَجَّامِ يُعطَى وإنْ كانَ مَنهيًّا عنه؟ فقالَ: لَم يَبلُغْنا أنَّ النَّبيَّ ﷺ أعطَى في مِثلِ هذا شَيئًا، كما بلَغنا في الحَجَّامِ.
واختلَف أصحابُنا في حَملِ كلامِ أحمدَ ﵀ على ظاهِرِه، أو تَأويلِه؛ فحَمَلَه القاضي على ظاهِرِه، وقالَ: هذا مُقتَضى النَّظَرِ، لكنَّ تَرْكَ مُقتَضاه في الحَجَّامِ فبَقيَ فيما عَداه على مُقتَضى القِياسِ.
وقالَ أبو مُحمَّدٍ في «المُغنِي»: كَلامُ أحمدَ يُحمَلُ على الوَرَعِ، لا على التَّحريمِ، والجَوازُ أرفَقُ بالنَّاسِ، وأوْفَقُ لِلقياسِ (١).
بَيعَتانِ في بَيعةٍ:
اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على الحُرمةِ والفَسادِ لِبيعَتَيْنِ في بَيعةٍ؛ لِمَا رَوى أبو هُريرةَ ﵁ قالَ: نهَى النَّبيُّ ﷺ عن بَيعَتَيْنِ في بَيعةٍ (٢).
(١) «زاد المعاد» (٥/ ٧٩٥، ٧٩٦). (٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٤٦١)، والترمذي (١٢٣١)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٩٧٣).