اختلَف الفُقهاءُ في الرِّبحِ والخُسرانِ، هل يُشترطُ أنْ يَكونَ على قَدْرِ المالَيْن أو يَجوزُ التَّفاضُلُ في الرِّبحِ والخُسرانِ مع تَساوي المالَيْن أو التَّساوي في الرِّبحِ والخُسرانِ مع تَفاضُلِ المالَيْن.
فاتَّفَقوا على أنَّ الوَضيعةَ -الخُسرانَ- لا تَكونُ إلا على قَدْرِ المالَيْن؛ لأنَّها لا تَتعلَّقُ إلا بالمالِ، بدَليلِ المُضارَبةِ، ولأنَّه أمينٌ، واشتِراطُ الضَّمانِ على الأمينِ لا يَصحُّ (٢).
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤، ٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٣٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٣٨)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٦٠)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٠، ١٤١)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٧/ ٤٨٩). (٢) قال ابن قُدامةَ في «المغني» (٥/ ٢٢، ٢٣): والوَضيعةُ على قدرِ المالِ يَعني الخُسران في الشَّركةِ على كلِّ واحدٍ منهُما بقدرِ مالِه فإن كان مالُهما مُتساويًا في القدرِ فالخُسرانُ بينَهما نِصفانِ، وإن كانا أَثلاثًا فالوَضعيةُ أثلاثٌ لا نَعلمُ في هذا خِلافًا بينَ أهلِ العلمِ وبه يقولُ أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وغيرُهما. وفي شَركةِ الوُجوهِ تَكونُ الوَضعيةُ على قدرِ ملكَيهما في المُشترَى سواءٌ كان الرِّبحُ بينَهما كذلك أو لم يكنْ، وسواءٌ كانَت الوَضعيةُ لِتلفٍ أو نُقصانٍ في الثَّمنِ عمَّا اشتَرايا به أو غيرَ ذلك. والوَضعيةُ في المُضاربةِ على المالِ خاصَّةً ليس على العاملِ منها شيءٌ؛ لأنَّ الوَضعيةَ عِبارةٌ عن نُقصانِ رأسِ المالِ وهو مُختصٌّ بملكِ ربِّه لا شيءَ للعاملِ فيه فيكونُ نقصُه من مالِه دونَ غيرِه وإنَّما يَشتركانِ فيما يَحصلُ من النَّماءِ فأشْبَه المُساقاةَ، فإنَّ ربَّ الأرضِ والشَّجرِ يُشاركُ العاملَ فيما يَحدثُ من الزَّرعِ والثَّمرِ، وإن تلِف الشَّجرُ أو هلَك شيءٌ من الأرضِ بغَرقٍ أو غيرِه لم يكنْ على العاملِ شيءٌ.