وفي وَجهٍ عندَ الشافِعيةِ: إنْ كانَ المُباشرُ يَضبطُ نَفسَه عن الفَرجِ ويَثقُ من نَفسِه باجتِنابِه إمَّا لضَعفِ شَهوتِه وإمَّا لشِدةِ وَرعِه جازَ وإلا فلا.
قالَ النَّوويُّ: وهذا الوَجهُ حَسنٌ، قالَه أبو العَباسِ البَصريُّ من أَصحابِنا (١).
كَفارةُ وَطءِ الحائِضِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ إذا جامَعَ ووَطِئَ امرأتَه وهي حائِضٌ هل تَجبُ عليه كَفارةٌ أو لا، بعدَ إِجماعِهم على أنَّه يأثَمُ.
فذهَبَ الحَنابِلةُ في قَولٍ -وهو قَولُ الشافِعيِّ في القَديمِ- إلى أنَّ وَطءَ الحائِضِ يَجبُ عليه كَفارةٌ، وهي دِينارٌ أو نِصفُ دِينارٍ؛ لمَا رَواه ابنُ عَباسٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ في الذي يَأتي امرأتَه وهي حائِضٌ:«يَتصدَّقُ بدِينارٍ أو بنِصفِ دِينارٍ»(٢).
وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَجبُ عليه شَيءٌ، وقد ضعَّفوا هذا الحَديثَ، قالَ النَّوويُّ: وهو حَديثٌ ضَعيفٌ باتِّفاقِ الحُفاظِ.
(١) «المجموع» (٢/ ٣٥٩)، و «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٧٣)، ويُنظر: «حاشية ابن عابدين» (١/ ٤٨٦، ٤٨٧)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٢٧٧)، وقليوبي وعميرة (١/ ١١٣)، و «مغني المحتاج» (١/ ١١٠)، و «روضة الطالبين» (١/ ٣٠١، ٣٠٢)، و «المغني» (١/ ٤٣٣، ٤٣٤)، و «كشاف القناع» (١/ ١٩٨)، و «الإنصاف» (١/ ٣٥٠)، و «الإفصاح» (١/ ١٠٥). (٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٦٤)، والترمذي (١٣٦، ١٣٧)، وابن ماجه (٦٤٠).