وقال الأوزاعيُّ وأبو ثَورٍ: عليه القَضاءُ والكَفَّارةُ مِثلَ كَفَّارةِ الآكِلِ عامِدًا في رَمضانَ، وهو قَولُ عَطاءٍ، واحتَجُّوا بحَديثِ الأوزاعيِّ عن يَعيشَ بنِ الوَليدِ بنِ هِشامٍ أنَّ أباه حَدَّثه قال: حَدَّثنا مَعدانُ بنُ طَلحةَ أنَّ أبا الدَّرداءِ حَدَّثه: «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قاءَ فأفطَرَ»، قالوا: وإذا كان القَيءُ يُفطِرُ الصائِمَ فعلى مَنْ تَعمَّده ما على مَنْ تَعمَّد الأكلَ والشُّربَ والجِماعَ القَضاءُ والكَفَّارةُ، وتأوَّل الفُقهاءُ هذا الحَديثَ قالوا: مَعنى قاء: استَقاءَ، قال الطَّحاويُّ: ويَجوزُ أنْ يَكونَ قَولُه: «قاءَ فأفطَر»: قاءَ فضَعُفَ فأفطَر، وقد يَجوزُ هذا في اللُّغةِ، وقد رَوى هذا المَعنى مُحمدُ بنُ إسحاقَ، عن يَزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، عن أبي مَرزوقٍ، عن فَضالةَ بنِ عُبَيدٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ دَعا بإناءٍ فشَرِب، فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، هذا يَومٌ كُنْتَ تَصومُه، قال:«أجَلْ، إنِّي قِئتُ فأفطَرتُ»، وهذا مَعناه: ولكِنِّي قِئتُ فضَعُفتُ عن الصِّيامِ فأفطَرتُ، وليس في هذَيْن الحَديثَيْن دَليلٌ على أنَّ القَيءَ كان مُفطِرًا له، إنَّما فيهما أنَّه قاءَ فأفطَر بعدَ ذلك (١).
١٧ - الحِجامةُ لِلصائِمِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الصائِمِ إذا احتجَم هل يُفطِرُ بذلك أو لا؟
فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ (الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ) إلى أنَّ الحِجامةَ لا تُفطِرُ الصائِمَ، لِما رَواه ابنُ عَباسٍ ﵄:«أنَّ النَّبيَّ ﷺ احْتَجَمَ وهو صَائِمٌ»(٢).