والقِطميرُ لُفافةُ النَّواةِ والفَتيلُ ما في شقِّها والنَّقيرُ النّقرةُ التي في ظَهرِها ولَم يَردْ ذلك بعينِه بل نَفى كلَّ شيءٍ، وقالَ الحُطيئةُ يَهجو بَني العِجلانِ:
ولا يَظلِمونَ الناسَ حبةَ خَردلِ
ولَم يُردِ الحَبةَ بعينِها إنَّما أَرادَ: لا يَظلِمونَهم شَيئًا، وقد يُذكَرُ العامُّ ويُرادُ به الخاصُّ كقولِه تَعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] يَعنِي رَجلًا واحدًا، ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] يَعني أَبا سُفيانَ، وقالَ تَعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأحقاف: ٢٥] ولَم يُردِ السَّماءَ والأَرضَ ولا مَساكِنَهم، وإذا احتَملَه اللَّفظُ وجَبَ صَرفُ اليَمينِ إليه؛ لقولِ النَّبيِّ ﷺ:«إنَّما لامرِئٍ ما نَوى»(١)، ولأنَّ كَلامَ الشارعِ يُحمَلُ على مُرادِه إذا ثبَتَ ذلك بالدَّليلِ فكذلك كَلامُ غيرِه، وقولُهم إنَّ الحِنثَ مُخالَفةُ ما عُقدَ عليه اليَمينُ، قُلنا: وهذا كذلك؛ فإنَّما انعَقدَت عليه اليَمينُ على ما نَواه ولفظُه مَصروفٌ إليه وليسَت هذه نِيةً مُجرَّدةً بل لَفظٌ مَنويٌّ به ما يَحتَملُه (٢).
العِبرةُ بنِيةِ المُستَحلفِ:
أجمَعَ أَهلُ العِلمِ على أنَّ النِّيةَ تُعتبَرُ في التَّخصيصِ أو التَّقييدِ إذا لَم يَستَحلفِ الحالِفُ في حقِّ عليه لغيرِه فإنِ استَحلَفَ في حقٍّ فالعِبرةُ بنِيةِ المُحلِّفِ.
سَواءٌ كانَ مالِيًّا -كدَينٍ وسَرقةٍ- أم لا، فمَن حلَّفَه المُدعِي أنَّه ليسَ له عليه دَينٌ، أو: لقد وفَّاه وأنَّه ما سرَقَ أو ما غُصبَ فحلَفَ، وقالَ: «نوَيتُ مِنْ