ولأنَّ ما شُرِعَ له الرَّهنُ -وهو الحاجةُ إلى تَوثيقِ الدَّيْنِ- يُوجَدُ في الحالتَيْنِ -السَّفَرِ والحَضَرِ-، وهو الرَّهنُ عن هَلاكِ الحَقِّ بالجُحودِ والإنكارِ وتَذكُّرِه عندَ السَّهوِ والنِّسيانِ، والنَّصُّ على السَّفَرِ في كِتابِ اللهِ تَعالَى ليس لِتَخصيصِ الجَوازِ، بل هو إخراجُ الكَلامِ مَخرَجَ الغالِبِ؛ لِكَونِ الكاتِبِ يُعدَمُ في السَّفَرِ في الأغلَبِ، ولِهذا لَم يُشترَطْ عَدَمُ الكاتِبِ، وهو مَذكورٌ معه أيضًا.
ولأنَّها وَثيقةٌ تَجوزُ سَفَرًا جازَتْ حَضَرًا كالضَّمينِ؛ ولأنَّ كلَّ حالةٍ جازَ فيها الضَّمينُ جازَ فيها الرَّهنُ، كالسَّفَرِ، فأمَّا الآيةُ فإنَّما ذُكِرَ فيها السَّفَرُ لِتَعذُّرِ الشَّهادةِ فيه في الأغلَبِ، لا لأنَّه شَرطٌ فيه.
وبُعِثَ النَّبيُّ ﷺ والناسُ يَتعامَلونَ به، فأقَرَّهم عليه، وعليه الإجماعُ (١).