١٣ - قِراءَةُ القُرآنِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ والتشهُّدِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على كَراهةِ قِراءةِ القُرآنِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ والتشهُّدِ؛ لِما رَوى مُسلِمٌ عن علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ﵁ قالَ: «نَهَانِي رَسولُ اللهِ ﷺ أَنْ أَقرَأَ رَاكِعًا أو ساجِدًا» (١).
ولِقولِه ﷺ: «نُهِيتُ أَنْ أقرأَ القُرآنَ رَاكِعًا أو ساجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ ﷿، وَأَمَّا السُّجودُ فَاجتَهِدُوا في الدُّعاءِ؛ فَقَمِنٌ أَنْ يُستَجَابَ لَكُمْ» (٢)، «قَمِنٌ»، معناه: جَدِيرٌ وحَرِيٌّ.
قالَ ابنُ عَبد البرِّ ﵀: «أجمَعوا أنَّ الرُّكوعَ مَوضِعُ تَعظيمٍ للهِ بالتَّسبيحِ والتَّقديسِ ونحوِ ذلك مِنْ الذِّكرِ، وأنَّه ليس بمَوضِعِ قِراءةٍ» (٣).
وقالَ الخطَّابيُّ ﵀: «لمَّا كانَ الرُّكوعُ والسُّجودُّ -وهما غايةُ الذُّلِّ والخُضوعِ- مَخصوصَينِ بالذِّكرِ والتَّسبيحِ؛ نُهي عن القِراءةِ فيهِما» (٤).
وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: اتَّفقَ الجُمهورُ على مَنعِ قِراءةِ القُرآنِ في الرُّكوعِ والسُّجودِ؛ لحَديثِ علِيٍّ في ذلكَ، قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «نَهاني جِبريلُ أن أقرأَ القُرآنَ راكِعًا وساجِدًا». قالَ الطَّبريُّ: «وهوَ حَديثٌ صَحيحٌ، وبهِ أخذَ فُقهاءُ الأمصارِ».
(١) رَواهُ مُسلِم (٤٨٠).(٢) رَوَاهُ مُسلِم (٤٧٩).(٣) «التَّمهيد» (١٦/ ١١٨)، و «الاستذكار» (١/ ٤٣١).(٤) «عَونُ المَعبود» (٣/ ٩١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute