مِثلُ هذا المانِعِ، وهذا مَذهبُ مالِكٍ وأحَدُ الوَجهَينِ في مَذهبِ أحمدَ، وقالَ الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ: لا يُقتَل، وهو ظاهِرُ مَذهبِ أحمدَ، والفَريقانِ يَحتَّجُّونَ بقِصةِ حاطِبٍ.
والصَّحيحُ أنَّ قَتلَه راجِعٌ إلى رأيِ الإمامِ؛ فإنْ رأى في قَتلِه مَصلَحةً للمُسلِمينَ قتَله، وإنْ كانَ استِبقاؤُه أصلَحَ استَبقاه، واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).
ثالِثًا: حُكمُ الجاسوسِ المُعاهَدِ والذِّميِّ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الجاسوسِ المُعاهَدِ والذِّميِّ إذا تَجسَّس على المُسلِمينَ على قَولَينِ:
القَولُ الأولُ: أنَّه يَجبُ قَتلُه، وهو قَولُ المالِكيةِ وأبي يُوسفَ من الحَنفيةِ، والمَنصوصُ عليه عندَ الحَنابِلةِ.
قالَ أبو يُوسفَ ﵀ في خِطابِه لهارونَ الرَّشيدِ: وسأَلتَ يا أميرَ المُؤمِنينَ عن الجَواسيسِ؟ … فإنْ كانُوا من أهلِ الحَربِ أو مِنْ أهلِ الذِّمةِ ممَّن يُؤدِّي الجِزيةَ من اليَهودِ والنَّصارى والمَجوسِ فاضرِبْ أعناقَهم (٢).
وجاء في «مِنحِ الجَليلِ»: وقُتِل -بضَمٍّ فكَسرٍ- شَخصٌ عَينٌ -بفَتحِ العَينِ المُهمَلةِ، أي: جاسوسٌ- على المُسلِمينَ يُطلِعُ الحَربيِّينَ على عَوراتِ المُسلِمينَ ويَنقُلُ أخبارَهم إليهم -وهو رَسولُ الشَّرِّ، والناموسُ رَسولُ الخَيرِ- إنْ لم يُؤمِنْ، بل وإنْ كانَ الجاسوسُ ذِميًّا عندَنا أو حَربيًّا