لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّه لا يُشتَرطُ في المُوصي الإسلامُ، فتَصحُّ وَصيةُ الكافِرِ ولو حَربيًّا لعُمومِ الآيةِ والأَخبارِ، ولأنَّ ذلك كالإِعتاقِ والتَّمليكِ وهما يَصحانِ من الذِّميِّ والحَربيِّ.
قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ: قَولُه: «ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ» كذا في أكثَرِ الرِّواياتِ، وسقَطَ لَفظُ «مُسلمٍ» من رِوايةِ أَحمدَ عن إِسحاقَ بنِ عيسى عن مالِكٍ، والوَصفُ بالمُسلمِ خرَجَ مَخرجَ الغالِبِ فلا مَفهومَ له ولا ذِكرَ للتَّهييجِ لتَقعَ المُبادرةُ لامتِثالِه؛ لمَا يُشعِرُ به من نَفيِ الإِسلامِ عن تارِكِ ذلك، ووَصيةُ الكافِرِ جائِزةٌ في الجُملةِ، وحَكَى ابنُ المُنذرِ فيه الإِجماعَ، وقد بحَثَ فيه السُّبكيُّ من جِهةِ أنَّ الوَصيةَ شُرعَت زيادةً في العَملِ الصالِحِ، والكافِرُ لا عَملَ له بعدَ المَوتِ، وأَجابَ بأنَّهم نظَروا إلى أنَّ الوَصيةَ كالإِعتاقِ وهو يَصحُّ من الذِّميِّ والحَربيِّ واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).
وقالَ زَينُ الدِّينِ العِراقيُّ: ووَصيةُ الكافِرِ جائِزةٌ كما هو مَذهبُ الأئِمةِ الأربَعةِ وغيرِهم، وحَكاه ابنُ المُنذرِ عن إِجماعِ أهلِ العِلمِ الذين يُحفَظُ عنهم (٢).