ذهَبَ أكثرُ أهلِ العِلمِ إلى أنه لا يَجوزُ القِصاصُ في الأطرافِ إلا بعدَ أنْ تَستقرَّ الجِنايةُ بالاندِمالِ أو السِّرايةِ إلى النَّفسِ؛ لحَديثِ عَمرِو بنِ شُعيبٍ عن أبيه عن جَدِّه قالَ:«قضَى رَسولُ اللهِ ﷺ في رَجلٍ طعَنَ رَجلاً بقَرْنٍ في رِجلِه فقالَ: يا رَسولَ اللهِ أَقِدْني، فقالَ له رَسولُ اللهِ ﷺ: لا تَعجلْ حتى يَبرأَ جُرحُكَ، قالَ: فأَبَى الرَّجلُ إلا أنْ يَستقيدَ، فأقادَهُ رَسولُ اللهِ ﷺ منهُ، قالَ: فعرَجَ المُسْتقيدُ وبرَأَ المُستقادُ منهُ، فأتَى المُستقيدُ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ فقالَ له: يا رَسولَ اللهِ عَرَجتُ وبَرأَ صاحِبي، فقالَ له رَسولُ اللهِ ﷺ: ألَم آمرُكَ أنْ لا تَستقيدَ حتى يَبرأَ جُرحُكَ فعَصيتَني فأبعَدَكَ اللهُ وبطَلَ جُرحُكَ، ثمَّ أمَرَ رَسولُ اللهِ ﷺ بعدَ الرَّجلِ الذي عرَجَ مَنْ كانَ بهِ جُرحٌ أنْ لا يَستقيدَ حتى تَبرأَ جِراحتُه، فإذا بَرِئَتْ جِراحَتُه استَقادَ»(١).
وعن جابِرٍ ﵁ عن النبيِّ ﷺ قالَ:«لا يُستقادُ مِنْ الجُرحِ حتَّى يَبرأَ»(٢).
قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ ﵀: وأجمَعوا على أنَّ الانتِظارَ بالقِصاصِ مِنْ الجُرحِ حتى يَبرأَ صاحبُ الجُرحِ، وهذا رأيُ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أحمد (٧٠٣٤). (٢) رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ١٨٤).