فأرسَلَ إليه مُعاويةُ فسَألَه فقالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: مَنْ كانَ بينَه وبينَ قَومٍ عَهدٌ فلا يَشُدَّ عُقدَةً ولا يَحُلَّها حتى يَنقَضيَ أمَدُها أو يَنبِذَ إليهم على سَواءٍ. فرجَعَ مُعاويةُ» (١).
قَولُه:«يَنبِذَ إليهم على سَواءٍ» أي: يُعلِمَهم أنَّه يُريدُ أنْ يَغزُوَهم، وأنَّ الصُّلحَ الذي كانَ بينَهم قد ارتفَع، فيَكونَ الفَريقانِ في ذلك على السَّواءِ.
قالَ الإمامُ الأزديُّ القُرطبيُّ: وأجمَعَ المُسلِمونَ على وُجوبِ الوَفاءِ بعَقدِ الأمانِ، وتَحريمِ الخِيانةِ فيه (٢).
صِفةُ مَنْ يَصحُّ منه عَقدُ الأمانِ:
اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الحُرَّ البالِغَ العاقِلَ إذا أمَّنَ صحَّ تأمينُه (٣) للأحاديثِ الآتيةِ في ذلك.
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٥٩)، والإمام أحمد (١٧٠٥٦)، والترمذي (١٥٨٠)، والنسائي في «الكبرى» (٨٧٣٢). (٢) «الإنجاد في أبواب الجِهاد» (٢٨٨). (٣) حَكى الإِجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِرِ في «الإجماع» (٢٦٢)، و «الأوسط» (١١/ ٢٥٨)، وابنُ حَزمٍ في «مراتب الإجماع» (١٢١)، والإمامُ الأزْدِيُّ القُرطبيُّ في «الإنجاد في أبواب الجِهاد» (٢٨٨).