النَّوعُ الثالِثُ: الدِّيةُ في قَتلِ شِبهِ العَمدِ:
اتَّفقَ كلُّ مَنْ يَقولُ بقَتلِ شِبهِ العَمدِ -وهُم الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ- أنَّ الدِّيةَ تَجبُ فيه وتَكونُ على العاقِلةِ؛ لقَولِه ﷺ:«ألَا إنَّ دِيةَ الخَطأِ شِبهِ العَمدِ ما كانَ بالسَّوطِ والعَصا مِائةٌ مِنْ الإبِلِ، منها أربَعونَ في بُطونِها أولادُها»(١).
وحَديثِ أبي هُريرةَ ﵁:«اقتَتلَتِ امرَأتانِ مِنْ هُذيلٍ، فرَمَتْ إحداهُما الأُخرى بحَجرٍ، فقتَلَتْها وما في بَطنِها، فقَضَى النبيُّ ﷺ أنَّ دِيةَ جَنينها عَبدٌ أو وَليدةٌ، وقَضَى بدِيةِ المَرأةِ على عاقلتِها»(٢).
و «لأنه ﷺ لمَّا سُئلَ عن المَرأةِ التي ضرَبَتْ ضرَّتَها بعَمودِ فُسطاطٍ فقتَلَتْها وجَنينَها، فقضَى في الجَنينِ بغُرةٍ، وقَضَى بالديَةِ على عاقِلتِها»(٣).
وعن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ:«عَقلُ شِبهِ العَمدِ مُغلَّظٌ مِثلُ عَقلِ العَمدِ ولا يُقتلُ صاحِبُه»(٤).
ولأنه قَتلٌ لا يُوجِبُ القوَدَ، فكانَتْ دِيتُه على العاقِلةِ كقَتلِ الخَطأِ (٥).
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٥٤٩)، والنسائي (٤٧٩٦)، وابن ماجه (٢٦٢٨)، وأحمد (٦٥٥٢). (٢) أخرجه البخاري (٦٩١٠)، ومسلم (١٦٨١). (٣) أخرجه مسلم (١٦٨٢). (٤) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٤٥٦٥)، وأحمد (٦٧١٨). (٥) «الهداية» (٤/ ١٥٨، ١٥٩)، و «العناية» (١٥/ ١٢٢، ١٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٦، ١٩٧)، و «التعريفات» (١٦٥)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٣٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ١٠٧، ١٠٨)، و «البيان» (١١/ ٤٤٩، ٤٥٠)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١٥) «المغني» (٨/ ٢١٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٠٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ١٣، ١٤)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٢١).