اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ القُنوتِ في صَلاةِ الفَجرِ على ثَلاثةِ أقوالٍ:
القولُ الأوَّلُ: أنَّه غيرُ مَشروعٍ ولا يُسنُّ فيها، وهو لِلحَنفيَّةِ والحَنابلَةِ.
قالَ الإمامُ أبو حَنيفَةَ ﵀: هو بِدعةٌ. وقالَ الحَنابلَةُ في الصَّحِيحِ: يُكرَهُ.
استدَلُّوا على ذلك بما رَواه أنَسُ بنُ مالِكٍ ﵁ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ:«قنَت في صَلاةِ الصُّبحِ شَهرًا يَدعُو على أَحيَاءٍ مِنْ أَحيَاءِ العَرَبِ، ثم تركَه»(١).
قالوا: فكانَ مَنسوخًا؛ إذِ التَركُ دَليلُ النَّسخِ، وممَّا يدلُّ على ذلك أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ:«كانَ يَقنُتُ في الصُّبحِ وَالمَغربِ»(٢)، وقد نُسِخَ في المَغربِ بالإجماعِ، فيَكونُ الصُّبحُ كذلك.
وبما رَواه أبو مالِكٍ الأشجَعيُّ قالَ: قُلتُ لأَبي: يا أَبَتِ، إنَّكَ قد صلَّيتَ خلفَ رَسولِ اللهِ ﷺ وَأَبِي بَكرٍ وَعمرَ وَعُثمانَ وَعَلِيِّ بنِ أبي طَالِبٍ هَهُنَا بِالكُوفَةِ نَحوًا مِنْ خَمسِ سِنِينَ، أَكانُوا يَقنُتُونَ في الفَجرِ؟ قالَ:«أَي بُنَيَّ، مُحدَثٌ»، وفي لَفظٍ:«يا بُنَيَّ، بِدعَةٌ»(٣)، ولأنَّه لو كانَ في الصُّبحِ مَسنونًا لَكانَ نَقلُه مُتَواتِرًا.
(١) رَواه البخاري (٢/ ٣٨٦)، ومُسلِم (٦٧٧)، واللفظ المذكور مركب من عدة روايات لهما. (٢) رَواه مُسلِم (٦٧٨). (٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رَواه التِّرمذي (٤٠٢)، والنسائي (١٠٨٠)، وابن ماجه (١٢٤١).