وأما الإِجماعُ: فقد أَجمعَ عُلماءُ المُسلِمينَ في كلِّ عَصرٍ ومِصرٍ على جَوازِ الإِيداعِ والاستِيداعِ.
قالَ الإِمامُ العِمرانِيُّ ﵀: الأمةُ أجمَعَت على جَوازِ الإِيداعِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: وأما الإِجماعُ فأجمعَ عُلماءُ كلِّ عصرٍ على جَوازِ الإِيداعِ والاستِيداعِ (٢).
وأما المَعقولُ: فإنَّ العِبرةَ تَقتضِيها، فإن بالناسِ إليها حاجةً، فإنه يَتعذَّرُ على جَميعِهم حفظُ أَموالِهم بأَنفسِهم، ويَحتاجونَ إلى مَنْ يَحفظُها لهم (٣).
الحُكمُ التَّكليفيُّ للوَديعةِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ قَبولِ الوَديعةِ، هل هو واجبٌ أم مُستحَبٌّ أم جائزٌ أم مَكروهٌ أم حرامٌ؟ على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ.
قالَ الحَنفيةُ: قَبولُ الوَديعةِ مِنْ بابِ الإِعانةِ؛ لأنَّه يَحفظُها لصاحبِها، وهي مَندوبةٌ لقولِه تَعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢]، وقولِه ﷺ:«واللَّهُ في عَونِ العَبدِ ما كانَ العَبدُ في عَونِ أَخيهِ»(٤).
قالَ السِّمنانِيُّ الحَنفيُّ: وعندَنا لا يَجبُ قَبولُ الوَديعةِ بحالٍ (٥).