وقال ابنُ رُشدٍ ﵀: واختلَف العُلماءُ فيمن وقَف من عَرفةَ بعُرَنةَ، فقيلَ: حَجُّه تامٌّ وعليه دَمٌ، وبه قال مالكٌ، وقال الشافِعيُّ: لا حجَّ له.
وعُمدةُ من أبطَل الحَجَّ النَّهيُ الوارِدُ عن ذلك في الحَديثِ.
وعُمدةُ من لم يُبطِلُه أنَّ الأصلَ أنَّ الوُقوفَ بكلِّ عَرفةَ جائزٌ إلا ما قامَ عليه الدَّليلُ، قالوا: ولم يَأتِ هذا الحَديثُ من وَجهٍ تَلزمُ به الحُجةُ والخُروجُ عن الأصلِ، فهذا هو القولُ في السُّننِ التي في يومِ عَرفةَ (١).
عَدمُ القُدرةِ على دُخولِ عَرفةَ حتى طُلوعِ الفجرِ:
أجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّ آخرَ وقتِ وُقوفِ عَرفةَ هو طُلوعُ الفجرِ يومَ النَّحرِ؛ قال ابنُ قُدامةَ: لا نَعلمُ خِلافًا بينَ أهلِ العِلمِ في أنَّ آخرَ الوقتِ طُلوعُ فجرِ يومِ النَّحرِ (٢).
واستدَلُّوا على ذلك بما يلي:
١ - ما رَواه عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَعمرَ الدِّيليُّ قال: شهِدتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ وهو واقِفٌ بعَرفةَ وأتاه ناسٌ من أهلِ نَجدٍ فقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ الحَجُّ؟ فقال:«الحَجُّ عَرفةُ، فمَن جاء قبلَ صَلاةِ الفجرِ من لَيلةِ جَمعٍ فقَد تمَّ حَجُّه … »(٣).