الشَّرطُ الثالِثُ: أنْ يَكونَ المَضمونُ مَعلومًا:
ويَنبَني على هذا الشَّرطِ حُكمُ ضَمانِ المَجهولِ، هل يَصحُّ أو لا؟!
وضَمانُ المَجهولِ هو: أنْ يَقولَ: «أنا ضامِنٌ لكَ ما لكَ على فُلانٍ، أو ما يُقرُّ لكَ»، ونَحوَ هذا، وهو لا يَعرِفُ مَبلغَه.
اختَلفَ العُلماءُ في ضَمانِ المَجهولِ -مِثلَما اختَلفوا في ضَمانِ ما لَم يَجِبْ- على قولَيْن:
القَولُ الأولُ: يَصحُّ ضَمانُ المَجهولِ، وهو قَولُ الحَنفيَّةِ (١) والمالِكيَّةِ (٢) والحَنابِلةِ (٣) والشافِعيِّ في القَديمِ (٤). واستدلُّوا على ذلك بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢]، ووَجهُ الدِّلالةِ مِنَ الآيةِ ما قاله ابنُ قُدامةَ ﵀: أنَّ حِملَ البَعيرِ غَيرُ مَعلومٍ، وأنَّه يَختلِفُ باختِلافِ البَعيرِ (٥).
ولِعُمومِ قَولِ النَّبيِّ ﷺ: «الزَّعيمُ غارِمٌ» فإنَّه عامٌّ يَشملُ ضَمانَ المَعلومِ والمَجهولِ.
(١) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٧٣)، و «فتح القدير» (٦/ ٢٩٨)، و «اختلاف العراقيين بهامش الأم» (٣/ ٢٠٥)، و «مجمع الضمانات» (٥٨٦).(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٤٠٩)، و «المعونة» للمالكية (٢/ ٨٨٨)، و «أحكام القرآن» (٣/ ١٠٨٥).(٣) «المغني» (٦/ ٣١٤)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٠٦).(٤) «المجموع» (١٣/ ١٠٤)، و «متن أبي شجاع» (١/ ١٣٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٦٧)، و «اختلاف العلماء» (١/ ٤٤٤).(٥) «المغني» (٦/ ٣١٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute