ثُم قالَ: أَخرِجا ما تُصرِّرانِ، ثُم دخَلَ ودخَلْنا عليه وهو يَومَئذٍ عندَ زَينَبَ بِنتِ جَحشٍ، قالَ: فتَواكَلْنا الكَلامَ ثُم تَكلَّمَ أَحدُنا فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ: أنتَ أَبرُّ الناسِ وأَوصَلُ الناسِ، وقد بلَغْنا النِّكاحَ، فجِئْنا لتُؤمِّرَنا على بعضِ هذه الصَّدقاتِ فنُؤدِّيَ إليكَ كما يُؤدِّي الناسُ ونُصيبَ كما يُصيبونَ، قالَ: فسكَتَ طَويلًا حتى أَردْنا أنْ نُكلِّمَه، قالَ: وجعَلَتْ زَينَبُ تُلمِعُ علينا من وَراءِ الحِجابِ أنْ: لَا تُكلِّماه، قالَ: ثُم قالَ: إنَّ الصَّدقةَ لَا تَنبَغي لِآلِ مُحمَّدٍ، إنَّما هي أَوساخُ الناسِ» (١).
وكذلك منَعَ أبا رافِعٍ من تَوليَتِها وقالَ له:«إِنَّ مَولى القَومِ مِنْ أَنفُسِهم، وإنَّا لَا تَحلُّ لنا الصَّدقةُ»(٢)، فدلَّ هذا على أنَّها من الزَّكاةِ (٣).
الصِّنفُ الرابِعُ: المُؤلَّفةُ قُلوبُهم:
اختَلفَ الفُقهاءُ في صِنفِ المُؤلَّفةِ قُلوبُهم:
فالمُعتمَدُ عندَ كلٍّ من المالِكيةِ والشافِعيةِ وهو رِوايةٌ عندَ الحَنابِلةِ: أنَّ سَهمَهم انقَطعَ لعِزِّ الإِسلامِ، فلا يُعطَونَ الآنَ لكنْ إنِ احتُجَّ لاستِئلافِهم في بعضِ الأَوقاتِ أُعطُوا.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: لَعلَّ مَعنى قَولِ أحمدَ: انقَطعَ سَهمُهم: أي: لا يُحتاجُ إليهم في الغالِبِ، أو أَرادَ أنَّ الأئِمَّةَ لا يُعطونَهم اليَومَ شَيئًا.
(١) مسلم (١٠٧٢). (٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٦٥٠)، وغيرُه. (٣) «المجموع» (٧/ ٢٨٠)، و «الإفصاح» (١/ ٣٦٤).