ذَبيحةُ المُرتَدِّ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على حُرمةِ ذَبيحةِ المُرتدِّ، وأنها لا تُؤكلُ، سَواءٌ انتَقلَ إلى دِينٍ أو إلى غيرِ دِينٍ.
قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: ذَبيحةُ المُرتدِّ حرامٌ عندَنا، وبه قالَ أكثَرُ العُلماءِ، منهُم أبو حَنيفةَ وأحمَدُ وأبو يُوسفَ ومُحمدُ وأبو ثورٍ، وكَرهَها الثوريُّ، قالَ ابنُ المُنذرِ: وكانَ الأوزاعيُّ يَقولُ في هذهِ المَسألةِ: معنَى قَولِ الفُقهاءِ: «إنَّ مَنْ تَولَّى قومًا فهو منهُم»، وقالَ إسحاقُ: إنِ ارتَدَّ إلى النَّصرانيةِ حلَّتْ ذَبيحتُه (١).
وقالَ الإمامُ الطَّحاويُّ ﵀: قالَ أصحابُنا ومالكٌ والليثُ والشافِعيُّ والثوريُّ ﵃: لا تُؤكلُ ذَبيحةُ المُرتدِ وإنْ تَهوَّدَ أو تَنصَّرَ.
وقالَ الأوزاعيُّ: تُؤكلُ ذَبيحتُه إذا تنصَّرَ أو تهوَّدَ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، المُرادُ: مَنْ تَولَّاهُم مِنْ مُشرِكي العَربِ فصارَ إلى دينِهم، فأما مَنْ كانَ مُسلمًا فلا؛ لأنه لا يُقَرُّ عليهِ (٢).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: (وذَبيحةُ المُرتدِّ حَرامٌ وإنْ كانَت رِدتُه إلى دِينِ أهلِ الكِتابِ)، هذا قَولُ مالكٍ والشافِعيِّ وأصحابِ الرأيِ، وقالَ إسحاقُ: إنْ تَديَّنَ بدِينِ أهلِ الكتابِ حلَّتْ ذَبيحتُه، ويُحكى ذلكَ عن الأوزاعيِّ؛ لأنَّ عليًّا ﵁ قالَ: «مَنْ تَولَّى قَومًا فهو مِنهُم».
(١) «المجموع» (٩/ ٧٦).(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢١١)، و «البيان والتحصيل» (١٦/ ٤٣٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute