وقالَ النَّبيُّ ﷺ:«قد أجَرْنا مَنْ أجَرتِ وأمَّنَّا مَنْ أمَّنتِ»، وقالَ:«مَنْ دخَلَ دارَ أبي سُفيانَ فهو آمِنٌ، ومَن أغلَقَ بابَه فهو آمِنٌ»، وفي مَعنى ذلك إذا قالَ: لا تَخَفْ، لا تَذهَلْ، لا تَخشَ، لا خَوفَ عليكَ، لا بأسَ عليكَ.
وقد رُوِي عن عُمرَ أنَّه قالَ:«إذا قُلتُم: لا بَأسَ أو لا تَذهَلْ أو مُترَّسٌ، فقد أمَّنتُموهم؛ فإنَّ اللهَ تَعالى يَعلمُ الألسِنةَ»(١).
وفي رِوايةٍ أُخرى:«إذا قالَ الرَّجلُ للرَّجلِ: لا تَخَفْ، فقد أَمَّنَه، فإذا قالَ: لا تَذهَلْ، فقد أمَّنَه؛ فإنَّ اللهَ يَعلمُ الألسِنةَ».
ورُوي أنَّ عُمرَ قالَ للهُرمُزانِ:«تَكلَّمْ ولا بأسَ عليكَ»، فلمَّا تَكلَّم أمَرَ عُمرُ بقَتلِه، فقالَ أنَسُ بنُ مَالِكٍ: ليسَ لكَ إلى ذلك سَبيلٌ، قد أمَّنتَه، فقالَ عُمرُ: كلَّا، فقالَ الزُّبيرُ: قد قُلتَ له: تَكلَّمْ ولا بأسَ عليك؛ فدرَأَ
(١) علَّقَه البُخاريُّ في كتابِ «الجزية والمُوادَعة» (بابُ إذا قالوا: صَبأْنا ولمْ يُحسِنوا أَسلَمْنا) (٦/ ٢٧٤ - «الفتح»)، وذكَرَه مُختصَرًا دونَ قولِه: «وإذا قال: لَا تَذهَلْ، فقد أمَّنَه». ووصله عبد الرزاق (٥/ ٢١٩، ٢٢٠)، رقم (٩٤٢٩)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٤٥٨، ٤٥٩)، رقم (١٥٢٥٤)، وسعيد بن منصور (٢/ ٢٧١)، رقم (٢٥٩٩)، والبيهقي (٩/ ٩٦) كلهم من طريق الأعمش، عن أبي وائل شقيق ابن سلمة، عن عمر.