وقالَ المِرداويُّ: يَصحُّ الوَقفُ على النَّفسِ، وعليها -أي الرِّوايةِ- العَملُ في زَمنِنا وقبلَه عندَ حُكَّامِنا مِنْ أزمِنةٍ مُتطاوِلةٍ، وهو الصَّوابُ، وفيهِ مَصلحةٌ عَظيمةٌ وتَرغيبٌ في فِعلِ الخَيرِ، وهو مِنْ مَحاسنِ المَذهبِ (١).
وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: ويَصحُّ الوَقفُ على النَّفسِ، وهو أحَدُ الرِّوايتينِ عن أحمدَ، واختارَها طائِفةٌ مِنْ أصحابِه (٢).
ب- أنْ يَشترطَ الغَلةَ لنَفسِه:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو اشتَرطَ الواقفُ الغلَّةَ لنَفسِه في حَياتِه، أوِ اشتَرطَ أنْ يأكلَ منها، هل يَصحُّ أم لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ في المُعتمَدِ والحَنابلةُ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ -وهو اختيارُ جماعةٍ منهم ابنُ سُريجٍ والزُّبيريُّ وابنُ الصَّباغِ وأكثرُ مَشايخِ خُراسانَ، وجوَّزَ الرُّويانِيُّ الإفتاءَ به- إلى أنه يَصحُّ أنْ يَشترطَ الواقفُ الغَلةَ لنَفسِه ما دامَ حَيًّا، أو أنْ يَشترطَ أنْ يَأكلَ منها.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: الواقفُ إذا اشتَرطَ في الوَقفِ أنْ يُنفِقَ منه على نَفسِه صَحَّ الوَقفُ والشرطُ، نَصَّ عليه أحمَدُ، قالَ الأثرمُ: قيلَ لأبي عَبدِ اللهِ: يَشترطُ في الوقفِ: «أني أُنفِقُ على نَفسي وأهلي منه»؟ قالَ: نعمْ، واحتَجَّ، قالَ: سَمعتُ ابنَ عُيينةَ عن ابنِ طاوسَ عن أبيهِ عن حجرٍ المدرِيِّ «أنَّ في صَدقةِ رَسولِ اللهِ ﷺ أنْ يَأكلَ منها أهلُه بالمَعروفِ غيرِ المُنكَرِ».
(١) «الإنصاف» (٧/ ١٨).(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٠٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute