في بُيُوتِكُم. قالَ: فَكَأَنَّ النَّاسَ استَنكَرُوا ذَاكَ، فقالَ: أَتَعجَبُونَ من ذَا؟! قد فعلَ ذَا مَنْ هو خَيرٌ مِنِّي، إِنَّ الجمُعَةَ عَزمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهتُ أَنْ أُحرِجَكم فَتَمشُوا في الطِّينِ وَالدَّحضِ» (١).
ثانيًا: الأعذارُ الخاصَّةُ:
أ- المرَضُ: وهو المرَضُ الذي يَشُقُّ معه الإتيانُ إلى المَسجدِ لِصَلاةِ الجَماعةِ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: هو قولُ عامَّةِ أهلِ العِلمِ.
وقال ابنُ المُنذرِ ﵀: لا أعلَمُ خِلافًا بينَ أهلِ العِلمِ أنَّ لِلمَريضِ أن يَتخَلَّفَ عن الجَماعاتِ مِنْ أجلِ المرَضِ؛ ولأنَّ النَّبيَّ ﷺ لمَّا مَرِضَ تَخلَّف عن المَسجدِ، وقالَ:«مُرُوا أَبا بَكرٍ فَليُصلِّ بِالنَّاسِ»(٢).
وقالَ النَّوويُّ ﵀: قالَ أصحابُنا: ومِنَ الأعذارِ في تَركِ الجَماعةِ أن يَكونَ به مرَضٌ يَشُقُّ معه القَصدُ، وإن كانَ يُمكِنُ؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا في ذلك وحَرجًا، وقد قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]؛ فإن كانَ به مرَضٌ يَسيرٌ لا يَشُقُّ معه القَصدُ: كوَجَعِ ضِرسٍ، وصُداعٍ يَسيرٍ، وحُمَّى
(١) رواه مُسلم (٦٩٩)، وانظر: ابن عابدين (١/ ٣٧٣، ٣٧٤)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٢٠٠)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٣٩٠)، و «المجموع» (٥/ ٢٥٩)، و «شرح مسلم» (٥/ ٢٠٦)، و «الرَّوضة» (١/ ٢٠٨)، و «مغني المحتاج» (١/ ٢٣٤)، و «المغني» (٢/ ١٨٤)، و «المُبدع» (٢/ ٩٧)، و «الرَّوض المُربع» (٢١/ ٢٦٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٢٨٦)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٩٧). (٢) رواه البُخاري (٦٦٤)، ومُسلم (٣١٣)، وانظر: «المغني» (١/ ١٨٣).