قالَ شَيخُنا: والأولُ أصَحُّ، وهذا يَرجِعُ إلى أنَّها عُقوبةٌ أو أُجرةٌ (٢).
متى شُرعَت الجِزيةُ في الإسلامِ؟
بعدَ أنْ تمَّ فَتحُ مَكةَ في أواخِرِ السَّنةِ الثامِنةِ للهِجرةِ، ودخَلَ الناسُ في دينِ اللهِ أفواجًا، واستقَرَّت الجَزيرةُ العَربيةُ على دينِ اللهِ تَعالى، أمَرَ اللهُ ﷾ رَسولَه الكَريمَ بمُجاهَدةِ أهلِ الكِتابِ من اليَهودِ والنَّصارى في قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)﴾ [التوبة: ٢٩] ولِهذا جهَّزَ رَسولُ اللهِ ﷺ لقتالِ الرُّومِ ودَعا المُسلِمينَ إلى ذلك، وندَبَ الأعرابَ الذين يَسكُنون حَولَ المَدينةِ المُنوَّرةِ إلى قِتالِهم، فأوعَبوا معه، واجتمَعَ من المُقاتِلةِ نَحوُ ثَلاثينَ ألفًا، وتَخلَّفَ بعضُ الناسِ من أهلِ المَدينةِ ومَن حَولَها من المُنافِقينَ وغيرِهم.
وخرَجَ رَسولُ اللهِ ﷺ بمَن معه يُريدُ الشامَ في السَّنةِ التاسِعةِ للهِجرةِ، فبلَغ تَبوكَ ونزَلَ بها، وأقامَ فيها نَحوًا من عِشرينَ يَومًا، يُبايِعُ القَبائلَ