وثانيهِما: أنْ يكونَ ذلكَ أبعَدَ مِنْ اشتباهِ الأنسابِ (١).
إذا طلبَتِ المرأةُ الطَّلاقَ في الحيضِ:
قَدْ ذكَرْنا أنَّ علَّةَ تَحريمِ الطَّلاقِ في الحَيضِ عندَ جَماهيرِ الفُقهاءِ هيَ تَطويلُ العدَّةِ على المرأةِ، إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا فيما لَو سألَتِ الزَّوجةُ زوْجَها أنْ يُطلِّقَها في الحَيضِ، هَلْ يَحرُمُ أم لا؟
فذهَبَ الشَّافعيةُ في قَولٍ والحنابلَةُ في المَذهبِ وبعْضُ المالكيَّةِ إلى أنَّ المرأةَ إذا سألَتْ زوْجَها الطَّلاقَ في الحَيضِ لَم يَحرُمْ، ويُباحُ لهُ إجابتُها؛ لأنَّ المَنعَ لتَضرُّرِها بطُولِ العدَّةِ، ومعَ سُؤالِها قَدْ أَدخلَتِ الضَّررَ على نفْسِها؛ لأنَّ حُرمةَ الطَّلاقِ في الحَيضِ لحَقِّها، فأُبيحَ الطَّلاقُ بسُؤالِها مُطلَقًا بعِوضٍ وبِدونِه على الصَّحيحِ عندَ الحنابلَةِ؛ لأنَّها أَدخلَتِ الضَّررَ على نفْسِها بسُؤالِها ذلكَ.
وذكَرَ البُهوتيُّ أنَّه لا يُباحُ إلَّا إذا كانَ بعِوضٍ كالخُلعِ.
قالَ ﵀: (ما لَم تَسألْهُ طلاقًا بعِوَضٍ أو خُلعًا)؛ لأنَّها إذَنْ قد أَدخلَتِ الضَّررَ على نفْسِها، (فإنْ سَألَتْه) طلاقًا (بغَيرِ عوَضٍ لَم يُبَحْ).
قلتُ: ولَعلَّ اعتبارَ العوَضِ لأنَّها تُظهِرُ خِلافَ ما تُبطِنُ، فبَذْلُ العِوضِ يَدلُّ على إرادَتها الحقيقيَّةِ (٢).
(١) «حجة الله البالغة» (١/ ٧١٧، ٧١٨).(٢) «كشاف القناع» (١/ ٢٣٣)، و (٥/ ٢٨٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٢٢٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute