قال الشافِعيَّةُ: إذا قارَضَ إنسانًا على ألْفٍ، فتَصرَّف فيها فخَسِر مِئةً ونَضَّ المالُ في يَدِه تِسعَمِئةٍ، فخافَ مِنَ المالِكِ أنْ يَراه ناقِصًا يَستَرجِعُ منه المالَ، فاستَقرضَ مِنْ غَيرِه مِئةً وأضافَها إلى المالِ، ثم عرَضه على المالِكِ كامِلًا رَجاءَ أنْ يُقِرَّه في يَدِه فيَرُدَّ القَرضَ إلى مالِكه، ففسَخ المالِكُ العَقدَ واستَردَّ الألفَ، فادَّعى المُقرِضُ أنَّ له في المالِ مِئةً أقرَضه إياها، وأنَّه يَستحِقُّها وأقامَ على ذلك بَيِّنةً لَم يُقبَلْ قَولُه، ولَم يَكُنْ له أخْذُ المِئةِ؛ لأنَّ المُستقرِضَ مَلَكها، وزالَ مِلكُه عنها إلى رَبِّ المالِ، فصارَ بمَنزِلةِ ما لو تَلِفت في يَدِه، ويَكونُ حَقُّ المُقرِضِ في ذِمَّةِ العامِلِ.
ونقَل المُتوَلِّي عن الشافِعيِّ أنَّه نقَل عن ابنِ القاسِمِ صاحِبِ مالِكٍ أنَّ لِلمُقرِضِ أنْ يَسترجِعَ المِئةَ مِنْ رَبِّ المالِ.
قال الشافِعيُّ ﵀: وهذا غَلَطٌ؛ لأنَّ العامِلَ مَلَكها بالقَرضِ واعتَرَف بأنَّ جَميعَ المالِ حَقُ المالِكِ، وسَلَّمه إليه؛ فإذا رجَع فيه لَم يُقبَلْ رُجوعُه، والمُقرِضُ لَم يُعطِه شَيئًا فلا مُطالَبةَ له عليه (٢).