أمانُ أهلِ البَغيِ هل يَلزمُ أهلَ العَدلِ الوَفاءُ به أو لا؟
نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ أهلَ البَغيِ إذا أعطَوْا أمانًا للكُفارِ أنَّه يَلزمُ أهلَ العَدلِ كما يَلزمُ أهلَ البَغيِ؛ لقَولِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ:«يُجيرُ على المُسلِمينَ أدناهم»(١). إلا لو استَعانَ البُغاةُ علينا بأهلِ الحَربِ وعَقَدوا لهم ذِمةً وأمانًا ليُقاتِلوا معهم لم يُنفَّذْ أمانُهم علينا، ولا يَجبُ علينا الوَفاءُ به كما نَصَّ على ذلك الشافِعيةُ والحَنابِلةُ.
قالَ الحَنفيةُ: أمانُ الباغي لأهلِ الحَربِ صَحيحٌ لإسلامِه؛ فإنْ غدَرَ بهم البُغاةُ فسُبُوا لا يَحِلُّ لأحدٍ من أهلِ العَدلِ أنْ يَشتريَ منهم (٢).
قالَ الإمامُ الماوَرديُّ ﵀: الأمانُ يَصحُّ من كلِّ مُسلمٍ لكلِّ مُشرِكٍ، سَواءٌ كانَ الأمانُ من رَجلٍ أو امرأةٍ، من حُرٍّ كانَ أو من عَبدٍ، من عادِلٍ أو باغٍ، فيَكونُ أمانُ الباغي لازِمًا لأهلِ البَغيِ وأهلِ العَدلِ، وأمانُ العادِلِ لازِمًا لأهلِ العَدلِ وأهلِ البَغيِ؛ فإنْ أمَّنَ أهلُ البَغيِ قَومًا من المُشرِكينَ لم يَعلَمْ بهم أهلُ العَدلِ حتى سَبَوْهم وغَنِموهم لم يَملِكوا سَبيَهم وغَنائمَهم ولزِمَهم رَدُّ السَّبيِ والغَنائمِ عليهم، وكذلك لو أمَّنَهم أهلُ العَدلِ وسَباهم وغَنِمهم