أحَدُهما وهو قِياسُ قَولِ الشافِعيِّ في القَديمِ: إنَّ قِتالَهم عليهَا واجِبٌ إذا قيلَ فيها بوُجوبِ دَفعِها إلى الإمامِ.
والقَولُ الثاني وهو قِياسُ قولِه في الجَديدِ: إنَّ قِتالَهم عليهَا مباحٌ وليسَ بواجِبٍ إذا قيلَ فيه: إنَّ دفْعَها إلى الإمامِ مُستحَبٌّ وليسَ بواجِبٍ، واللهُ أعلَمُ (١).
إذا ترَكَ البُغاةُ القِتالَ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ البُغاةَ إذا تَرَكوا القِتالَ حَرُمَ قَتلُهم وقَتلُ مُدبِرِهم وجَريحِهم؛ لقَولِ مَروانَ: «صرَخَ صارخٌ لعَليٍّ يومَ الجَملِ: لا يُقتلَنَّ مُدبِرٌ، ولا يُذفَّفُ (٢) على جَريحٍ، ولا يُهتَكُ سِتْرٌ، ومَن أغلَقَ بابَه فهو آمِنٌ، ومَن ألقَى السلاحَ فهو آمِنٌ» (٣)، وعن عمارٍ ﵁ نحوُه.
ورَوى ابنُ مَسعودٍ ﵁ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ:«يا ابنَ أمِّ عَبدٍ ما حُكمُ مَنْ بَغَى على أمَّتِي؟ فقلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، فقالَ: لا يُقتَلُ مُدبِرُهم، ولا يُجازُ على جَريحِهم، ولا يُقتلُ أسيرُهم، ولا يُقسمُ فَيؤُهم»(٤).
(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ١٠٠، ١٠٥)، و «المغني» (٩/ ٥). (٢) تذفيفُ الجَريحِ: الإجهازُ عليهِ، وتَحريرُ قتلِه. «النهاية» (٢/ ١٦٢)، و «لسان العرب» (٩/ ١١٠). (٣) صَحِيحٌ: رواه سعيد بن منصور في «سننه» (١/ ٤٥١)، رقم (٢٩٤٧)، عبد الرزاق في «المصنف» (١٠/ ١٢٣)، رقم (١٨٥٩٠)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (١٢/ ٤٢٤)، رقم (٣٣٩٥٢)، والبيهقي في «الكبرى» (٨/ ١٨١). (٤) ضَعِيفٌ: رواه الحاكم (٢/ ١٥٥)، والبيهقي (٨/ ١٨٢).