قالَ الحَنفيةُ: وإنَّما أباحَ لهُ الرَّجعةَ على هذهِ الشَّريطةِ، ومتى أرجَعَ بغَيرِ مَعروفٍ كانَ عاصِيًا والرَّجعةُ صَحيحةٌ؛ بدَلالةِ قولِه تعالَى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ٢٣١]، فلولا صحَّةُ الرَّجعةِ لَمَا كانَ لنَفسِه ظالِمًا بها (١).
وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ ﵀: الرَّجلُ مَندوبٌ إلَى المُراجعةِ، ولكنْ ذا قصَدَ الإصلاحَ بإصلاحِ حالِه معهَا وإزالَةِ الوَحشةِ بيْنَهما، فأمَّا إذا قصَدَ الإضرارَ وتَطويلَ العدَّةِ والقَطعَ بها عَنْ الخَلاصِ مِنْ رِبقةِ النِّكاحِ فمُحرَّمٌ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١]، ثمَّ مَنْ فعَلَ ذلكَ فالرَّجعةُ صَحيحةٌ وإنِ ارتَكبَ النَّهيَ وظلَمَ نفْسَه، ولو عَلِمْنا نحنُ ذلكَ المَقصدَ طلَّقَنا عليهِ (٢).
وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: إنَّما جعَلَ اللهُ الرَّجعةَ لمَن أرادَ إصلاحًا بقَولِه: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وإذا لَم يَكنْ مَقصودُه حُسنَ عِشرتِها بالوَطءِ لم يَكنْ مُريدًا للإصلاحِ، فلا يُمكَّنُ مِنْ الرَّجعةِ إلا مَنْ أرادَ إصلاحًا وأمسَكَ بمَعروفٍ (٣).
الكَراهةُ: تُكرَه الرَّجعةُ إذا ظنَّ الزوجُ أنه لن يَستطيعَ أنْ يُقيمَ حُدودَ اللهِ تعالى مِنْ حَيثُ الإحسانِ والنفقةِ على زَوجتِه.
(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ٨٧).(٢) «تفسير القرطبي» (٣/ ١٢٣).(٣) «جامع المسائل» لابن تيمية (١/ ٣٧٢)، و «المبدع» (٧/ ٣٩١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute