قال الإمامُ النَّوَويُّ ﵀: وأمَّا حَديثُ عائِشةَ قالت: «ما رَأيتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَائِمًا في الْعَشْرِ قَطُّ».
وفي رِوايةٍ:«لم يَصُمِ الْعَشْرَ» رَواهما مُسلِمٌ في صَحيحِه (١).
فقال العُلماءُ: وهو مُتأوَّلٌ على أنَّها لم تَرَه، ولم يَلزَمْ منه تَركُه في الأمرِ نَفسِه؛ لأنَّه ﷺ كان يَكونُ عندَها في يَومٍ من تِسعةِ أيامٍ، والباقيَ عندَ باقي أُمَّهاتِ المُؤمِنين ﵅، ويَترُكُه في بَعضِها لِعارِضِ سَفرٍ ومَرضٍ أو غَيرِهما، وبهذا يُجمَعُ بينَ الأحاديثِ، واللهُ ﷾ أعلَمُ (٢).
٥ - صَومُ يَومٍ وإفطارُ يَومٍ:
نَصَّ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على أنَّ صيامَ يَومٍ وإفطارَ يَومٍ مِنْ أفضَلِ التَّطوُّعِ؛ لِقَولِ النَّبيِّ ﷺ:«أَحَبُّ الصِّيامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ ﵇، كان يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا»(٣).
ولِقَولِ النَّبيِّ ﷺ لِعَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو ﵄:«صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ ﵇، وهو أفضَلُ الصِّيامِ، قُلتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ منه يا رَسُولَ اللَّهِ، قال: لَا أَفْضَلُ من ذلك»(٤).
(١) رواه مسلم (١١٧٦). (٢) «المجموع» (٧/ ٦٥٥)، وانظر: «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٠١)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٠٢)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٥١٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٤٦)، و «مغني المحتاج» (١/ ٤٤٦)، و «الكافي» (١/ ٣٦٢)، و «منار السبيل» (١/ ٢٦٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٣٨)، و «المغني» (٤/ ٢٤١). (٣) رواه البخاري (٣٢٣٨)، ومسلم (١١٥٩). (٤) رواه البخاري (١٨٧٥)، ومسلم (١١٥٩).