ولَخَّص ابنُ جُزَيٍّ من المالِكيَّةِ أحوالَ المَريضِ بالنِّسبةِ إلى الصَّومِ، وقال: لِلمَريضِ أحوالٌ:
الأُولى: ألَّا يَقدِرَ على الصَّومِ أو أنْ يَخافَ الهَلاكَ من المَرضِ أو الضَّعفَ إنْ صامَ فالفِطرُ عليه واجِبٌ.
والثانية: أنْ يَقدِرَ على الصَّومِ بمَشقَّةٍ، فالفِطرُ له جائِزٌ، وقال ابنُ العَربيِّ: مُستحَبٌّ.
والثالِثةُ: أنْ يَقدِرَ بمَشقَّةٍ، ويَخافَ زيادةَ المَرضِ، ففي وُجوبِ فِطرِه قَولان.
الرابِعةُ: ألَّا يَشُقَّ عليه، وألا يَخافَ زيادةَ المَرضِ فلا يُفطِرَ عندَ الجُمهورِ خِلافًا لِابنِ سِيرينَ (١).
ثانيًا: السَّفَرُ:
أجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّ لِلمسافِرِ أنْ يَترخَّصَ بالفِطرِ، وعليه القَضاءُ، لِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] ولِما رَوَت عائِشةُ ﵂: أَنَّ حَمْزَةَ بنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قال لِلنَّبِيِّ ﷺ: «أَأَصُومُ في السَّفَرِ؟ وكان كَثِيرَ الصِّيامِ، فقال: «إنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» (٢).
وقد نقَل الإجماعَ على ذلك النَّوَويُّ وابنُ قُدامةَ وابنُ هُبَيرةَ وابنُ حَزمٍ وغَيرُهم (٣).
(١) «القوانين الفقهية» (٨٢).(٢) أَخرَجه البخاري (١٩٤٣)، ومسلم (٧٨٩).(٣) «المجموع» (٧/ ٤٣١)، و «المغني» (٤/ ٢١٢)، و «الإفصاح» (١/ ٤١٢)، و «مراتب الإجماع» (١/ ٤٠)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٦٣٠، ٦٣١)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٦٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute