وأيضًا فإنَّه إذا شهِدَ العِيدَ حصَلَ مَقصودُ الاجتِماعِ، ثم إنَّه يُصلِّي الظُّهرَ إذا لم يَشهدِ الجمُعةَ، فتَكونُ الظُّهرُ في وقتِها، والعِيدُ يُحصِّلُ مَقصودَ الجمُعةِ، وفي إِيجابِها على النَّاسِ تَضييقٌ عليهم، وتَكديرٌ لمَقصودِ عِيدِهم، وما سُنَّ لهم مِنْ السُّرورِ فيه والانبِساطِ.
فإذا حُبِسوا عن ذلك عادَ العِيدُ على مَقصودِه بالإِبطالِ، ولأنَّ يومَ الجمُعةِ عِيدٌ، ويومَ الفِطرِ والنَّحرِ عِيدٌ، ومِن شَأنِ الشَّارِعِ إذا اجتَمعَ عبادَتَانِ مِنْ جِنسٍ واحدٍ أدخَلَ إحداهُما في الأُخرى، كما يَدخلُ الوُضوءُ في الغُسلِ، وأحَدُ الغُسلَينِ في الآخَرِ، واللهُ أعلَمُ (١).
أمَّا السَّفرُ يومَ الجمُعةِ بعدَ الزَّوالِ فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّ مَنْ سافَرَ يومَ الجمُعةِ بعدَ الزَّوالِ إذا لم يَخفْ فَوتَ الرُّفقةِ ولم يُصلِّ الجمُعةَ في طَريقِه، فلا يَجوزُ، ويَحرمُ عليه السَّفرُ؛ لمَا رَواه ابنُ عمرَ مَرفوعًا:«مَنْ سافَرَ مِنْ دارِ إقامَةٍ يومَ الجمُعةِ دَعَت عليه المَلائكةُ، لَا يُصحَبُ في سَفرِهِ، ولا يُعانُ على حاجَتِه»(٣).