بعضُ المسائلِ الَّتي تتَعلَّقُ بهذا الأمرِ:
المسألةُ الأولى: إذا ضَرَبَها للتَّأديبِ للنُّشوزِ فخالَعَتْه عَقيبَ الضَّربِ:
نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ (وهو مُقتَضى مَذهبِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ) على أنَّ الزَّوجَ إذا ضرَبَ زوْجتَه للنُّشوزِ فخالَعَتْه عَقِيبَ الضَّربِ صَحَّ الخُلعُ؛ لِمَا رَوى أبو داودَ عن عَمْرةَ عَنْ عائِشةَ ﵂ «أنَّ حَبيبةَ بنتَ سَهلٍ كانَتْ عندَ ثابِتِ بنِ قَيسِ بنِ شَمَّاسٍ فضرَبَها فكسَرَ بعضَها، فأتَتْ رَسولَ اللهِ ﷺ بعدَ الصُّبحِ فاشتَكَتْه إليهِ، فدَعَا الَّنبيُّ ﷺ ثابِتًا فقالَ: خُذْ بعضَ مالِها وفارِقْها، فقالَ: ويَصلحُ ذلكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: نعَمْ، قالَ: فإنِّي أصدَقْتُها حَديقتَينِ وهُما بيَدِها، فقالَ النَّبيُّ ﷺ: خُذْهُما ففارِقْها، ففعَلَ» (١). ولأنَّ كلَّ عَقدٍ صحَّ قبلَ الضَّربِ صَحَّ بعدَه، كما لو حَدَّ الإمامُ رَجلًا ثمَّ اشتَرى منهُ شَيئًا عَقِيبَه.
قالَ العَمرانِيُّ ﵀: قالَ الطبَريُّ: وهكذا لو ضَرَبها لتَفتديَ منهُ فافتَدَتْ نفْسَها منهُ عَقيبَه طائِعةً .. صَحَّ ذلكَ؛ لِمَا ذكَرْناه (٢).
وقالَ الحَنابلةُ: إنْ ضرَبَها على نُشوزِها ومنَعَها حَقَّها مِنْ أجْلِه لم يَحرُمْ خلعُها لذلكَ؛ لأنَّ ذلكَ لا يَمنعُهما أنْ يَخافَا أنْ لا يُقيمَا حُدودَ اللهِ، وفي
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٢٢٨).(٢) «البيان» (١٠/ ٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute