عن الحُميديِّ قالَ: قدِمَ الشافِعيُّ ﵀ من صَنعاءَ إلى مَكةَ، بعَشرةِ آلافِ دِينارٍ في مِنديلٍ، فضرَبَ خِباءَه في مَوضعٍ خارِجًا من مَكةَ، فكانَ الناسُ يَأتوه، فما برَحَ حتى ذهبَتْ كلُّها (١).
وعن الرَّبيعِ بنِ سُليمانَ قالَ: كانَ الشافِعيُّ راكِبًا حِمارًا، فمرَّ على سُوقِ الحَذائينَ، فسقَطَ سَوطُه من يدِه، فوثَبَ غُلامٌ من الحَذائينَ، فأخَذَ السَّوطُ، ومسَحَه بكُمِّه، وناوَلَه إِياه، فقالَ الشافِعيُّ لغُلامِه: ادفَعْ تلك الدَّنانيرَ التي معَك إلى هذا الفَتى، قالَ الرَّبيعُ: فلَستُ أَدرِي، كانَت تِسعةَ دَنانيرَ أو سِتةً (٢).
وعن الرَّبيعِ بنِ سَلمانَ قالَ: تَزوجْتُ، فسأَلنِي الشافِعيُّ: كم أصدَقْتَها؟ فقلتُ: ثَلاثينَ دِينارًا، قالَ: كم أَعطيتَها؟ فقلتُ: سِتةَ دَنانيرَ، فصعِدَ دارَه وأرسَلَ إليَّ بصُرَّة، فيها أربَعةٌ وعِشرونَ دِينارًا (٣).
قالَ ابنُ عبدِ الحَكمِ: كانَ الشافِعيُّ أَسخَى الناسِ بما يَجدُ، وكانَ يَمرُّ بِنا، فإنْ وجدَنِي وإلا قالَ: قُولوا لمُحمدٍ إذا جاءَ، يَأتي المَنزلَ، فإنِّي لا أَتغذَّى حتى يَجيءَ، فربَّما جئتُه، فإذا قعَدتُ معَه على الغِذاءِ قالَ: يا جارِيةُ، أَنضِجي لنا فالُوذجَ، فلا تَزالُ المائِدةُ بينَ يدَيه، حتى تَفرغَ منه ويَتغذَّى (٤).
(١) «حلية الأولياء» (٩/ ١٣٠)، و «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢٠)، و «المناقب» للرازي (١٢٨) (٢) «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢١)، و «المناقب» للرازي (١٢٨) (٣) «حلية الأولياء» (٩/ ١٣٢)، و «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢٣). (٤) «المناقب» للبيهقي (٢/ ٢٢٢)، وفي «السير» مُختصرًا (١٠/ ٣٩).