وثيابَه، وهذا ممَّا تَعمُّ به البَلوى، فلو كانَ ذلك نَجسًا لَكانَ يَجبُ على النَّبيِّ ﷺ أمرُهم بإِزالةِ ذلك من أبدانِهم وثِيابِهم، كما أمَرَهم بالاستِنجاءِ، وكما أمَرَ الحائِضَ بأنْ تَغسلَ دَمَ الحَيضِ من ثَوبِها، بل إصابةُ الناسِ المَنيَّ أعظَمُ بكَثيرٍ من إصابةِ الحَيضِ لثَوبِ الحائِضِ.
ومن المَعلومِ أنَّه لم يَنقُلْ أحَدٌ أنَّ النَّبيَّ ﷺ أمَرَ أحدًا من الصَّحابةِ بغَسلِ المَنيِّ من بَدنِه ولا ثَوبِه، فعُلمَ يَقينًا أنَّ هذا لم يَكنْ واجبًا عليهم، وهذا قاطِعٌ لمَن تَدبَّرَه.
وأمَّا كَونُ عائِشةَ ﵂ كانَت تَغسِلُه تارةً من ثَوبِ النَّبيِّ ﷺ، وتَفرُكُه تارةً فهذا لا يَقتَضي تَنجيسَه؛ فإنَّ الثَّوبَ يُغسلُ من المُخاطِ والبُصاقِ والوَسخِ، وهكذا قالَ غيرُ واحِدٍ من الصَّحابةِ كسعدِ بنِ أبي وَقاصٍ، وابنِ عَباسٍ وغيرِهما: إنَّما هو بمَنزِلةِ المُخاطِ والبُصاقِ أمِطْه عنكَ ولو بإذخِرةٍ (١).