وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّه إذا حلَفَ بكلِّ الأَيمانِ التي يَجوزُ الحَلفُ بها على شيءٍ واحدٍ فحنِثَ فعليه كَفارةٌ؛ لأنَّه حِنثٌ واحِدٌ أَوجبَ جِنسًا واحِدًا مِنْ الكَفاراتِ فلَم يَجبْ به أَكثرُ مِنْ كَفارةٍ كما لو قصَدَ التَّأكيدَ والتَّفهيمَ.
نصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ على أنَّ المُكلَّفَ إذا حرَّمَ على نَفسِه شَيئًا ممَّا أَباحَه اللهُ مِنْ طَعامٍ أو شَرابٍ أو لِباسٍ أو غيرِ ذلك سَواءٌ أَفردَ أو جمَعَ كقولِه:«إنْ فَعلتُ كذا فالحَلالُ عليَّ حَرامٌ» أو «الشيءُ الفُلانِيُّ عليَّ حَرامٌ» فإنَّه لا يَحرمُ عليه؛ لأنَّ المُحللَ والمُحرمَ هو اللهُ تَعالى، وله أنْ يَستَبيحَه بعدَ التَّحريمِ إلا أنَّهم اختَلَفوا هل يَلزمُه كَفارةُ يَمينٍ أم لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ إلى أن مَنْ حرَّمَ على نَفسِه شَيئًا ممَّا يَملكُه لَم يَصرْ مُحرَّمًا عليه، وعليه إنِ استَباحهُ كَفارة يَمينٍ، بأنْ يَقولَ:«هذا الطَّعامُ عليَّ حَرامٌ»، أو:«حَرامٌ عليَّ أَكلُه»، فإنْ أكَلَه حنِثَ ولزِمَته الكَفارةُ، وصارَ كما إذا حرَّمَ أمَتَه أو زَوجتَه؛ لمَا رَواهُ الشَّيخانِ عن عُبيدِ بنِ عُميرٍ يَقولُ:
(١) «المغني» (٩/ ٤٠٥، ٤٠٧)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣١٠).