قالَ ابنُ هُبيرةَ ﵀: واتَّفَقوا على أنَّه إذا تركَه سَهوًا -أي: سُجودَ السَّهوِ- لم تبطُل صَلاتُه، إلا رِوايةً عن أحمدَ، والمَشهورُ عنه أنَّها لا تبطُلُ، كالجَماعةِ.
وقالَ مالِكٌ: إن كانَ سُجودًا لِنَقصٍ لِتَركِ سُنَّتَينِ فصاعِدًا، وتركَه ناسِيًا، ولم يَسجُد حتى سلَّم، وتَطاوَلَ الفَصلُ، وقامَ مِنْ مُصلَّاهُ، أو انتَقَضت طَهارَتُه؛ بطَلت صَلاتُه (١).
وقالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ ﵀: الذي يَقتَضِيهِ مَذهبُنا أنَّ سُجودَ السَّهوِ لِلنُّقصانِ واجِبٌ في الصَّلاةِ؛ لأنَّ مالِكًا اختَلفَ قولُه فيه، قالَ: فإن تركَه حتى طالَ أو انتَقَض وُضوؤُه أعادَ الصَّلاةَ في سَهوِ النُّقصانِ، وكانَ الشَّيخُ أبو بَكرٍ الأَبهَريُّ يَمتَنِعُ من إطلاقِ الوُجوبِ ويَقولُ: إنَّ الصَّلاةَ تُعادُ بتَركِه. وعِندي أنَّ ذلك خِلافٌ في عِبارةٍ؛ لأنَّ الغَرضَ حاصِلٌ، وهو فَسادُ الصَّلاةِ بتَركِه. وهذا فائِدةُ الوُجوبِ، ودَليلُنا حَديثُ ابنِ بُحَينَةَ، وفيه:«فلمَّا قَضى صَلاتَه وانتَظَرنَا تَسليمَه سجدَ سَجدتَينِ، ثم سلَّم». وأفعالُه على الوُجوبِ، وقالَ:«صَلُّوا كما رَأَيتُموني أُصَلِّي»، ولأنَّه جُبرانٌ لِنَقصٍ وقعَ في عِبادةٍ، فكانَ واجِبًا فيها كالدَّمِ في الحَجِّ، ولأنَّه سُجودٌ يُفعَلُ في الصَّلاةِ لِإِصلاحِها (٢).