بحَديثِ عُمرَ الذي أردَفَه بعدَه؛ أنه شرَطَ في وَقفِه أنْ يَأكلَ مَنْ وَلِيَه بالمَعروفِ، فبانَ بهذا أنَّ العامِلَ في الحَبسِ له منه أُجرةُ عَملِه وقِيامِه عليه، وليسَ ذلكَ بتَغييرٍ للحَبسِ ولا نَقضٍ لشَرطِ المُحبِّسِ إذا حَبسَ على قَومٍ بأعيانِهم، لا غِنى عن عامِلٍ يَعملُ للمالِ (١).
وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ ﵀: وهو دالٌّ على مَشروعيَّةِ أُجرةِ العامِلِ على الوَقفِ، والمُرادُ بالعامِلِ في هذا الحَديثِ القيِّمُ على الأرضِ والأجيرُ ونَحوُهما (٢).
نَصَّ الفُقهاءُ على أنَّ الواقفَ لو شرَطَ للناظِرِ على الوَقفِ أُجرةً استَحقَّها ولو كانَتْ أكثَرَ مِنْ أُجرةِ المِثلِ -على تَفصيلٍ سَيأتي-؛ لأنه لو جعَلَ له ذلكَ مِنْ غيرِ أنْ يَشترطَ عليه القِيامَ بأمرِه يَجوزُ، فهذا أَولى بالجَوازِ.
قالَ الحَنفيةُ: ولو جعَلَ الواقفُ للقائِمِ بوَقفِه أكثَرَ مِنْ أجرِ مِثلِه يَجوزُ؛ لأنه لو جعَلَ له ذلكَ مِنْ غيرِ أنْ يَشترطَ عليه القِيامَ بأمرِه يَجوزُ، فهذا أَولَى