وقد تقدَّمَ في الرُّكنِ الثالِثِ «المُوصَى له» في الشَّرطِ الرابِعِ ألَّا تَكونَ الوَصيةُ في مَعصيةٍ: حُكمُ الوَصيةِ بالمُحرَّمِ كبِناءِ الكَنائسِ بالتَّفصيلِ فلا حاجةَ لتَكرارِه هنا.
الشَّرطُ الثاني: أنْ يَكونَ المُوصَى به قُربةً:
الأَصلُ أنَّ الوَصيةَ إنَّما يُقصدُ بها التَّقربُ إلى اللهِ تَعالى، إلا أن الفُقهاءَ اختلَفوا فيما لو أَوصَى بشَيءٍ ليسَ بقُربةٍ بل هو مُباحٌ، هل تَصحُّ الوَصيةُ به أو لا؟
فذهَبَ جُمهورُ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المُعتمدِ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ، بل حُكِيَ الاتِّفاقُ فيه إلى أنَّه لا يُشتَرطُ القُربةُ لصِحةِ الوَصيةِ، بل الشَّرطُ ألَّا تَكونَ في مَعصيةٍ.
قالَ الإِمامُ ابنُ حَزمٍ ﵀: واتَّفقَوا على أنَّ الوَصيةَ بالمَعاصي لا تَجوزُ، وأنَّ الوَصيةَ بالبِرِّ وبما ليسَ ببِرٍّ ولا مَعصيةٍ ولا تَضييعٍ للمالِ جائِزةٌ (١).