شُريحًا رَأى الرُّجوعَ لها فيه، واحتَجَّ بقَولِه ﷾: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾ [النساء: ٤] وإذا كانَت طالِبةً له لم تَطِبْ به نَفسًا.
قالَ ابنُ العَربيِّ: وهذا باطِلٌ؛ لأنَّها قد طابَتْ وقد أكَلَ فلا كَلامَ لها؛ إذْ ليسَ المُرادُ صُورةَ الأكلِ وإنَّما هو كِنايةٌ عن الإِحلالِ والاستِحلالِ، وهذا بَيِّنٌ (١).
وقالَ ابنُ القَيمِ ﵀: بَيعُ المَهرِ قبلَ قَبضِه جائِزٌ، وقد نَصَّ أحمدُ على جَوازِ هِبةِ المَرأةِ صَداقَها من زَوجِها قبلَ قَبضِه (٢).
وقد تقدَّمَ كَلامُ ابنِ قُدامةَ ﵀ في تَفصيلِ مَذهبِ الحَنابلةِ في المَسألةِ السابِقةِ.
الهِبةُ لذي رَحمِه المَحرَمِ (غيرِ الوَلدِ):
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الإِنسانَ إذا وهَبَ لذوي رَحمِه المَحرَمِ غيرِ وَلدِه فلا رُجوعَ له فيه إذا قبَضَها.
قالَ الإمامُ مُحمدُ بنُ نَصرٍ المَروزيُّ ﵀: وأجمَعوا على أنَّها إذا كانَت لذي رَحمٍ مَحرَمٍ فلا رُجوعَ فيها (٣).
(١) «الجامع لأحكام القرآن» (٥/ ٢٥). (٢) «حاشية ابن القيم على سنن أبي داود» (٩/ ٢٨٠)، ويُنظَرُ: «المغني» (٧/ ١٧٧)، و «الكافي» (٣/ ٩٤). (٣) «اختلاف العلماء» ص (٢٧٧).