القِسمُ الثانِي: أنْ يَحلِفَ بذلك، ويَقصِدَ قَصدَ اليَمينِ، ويَعتقِدَ في المَحلوفِ به مِنْ التَّعظيمِ ما يَعتقِدُه في اللهِ، فهذا يُحكَمُ بكُفرِه؛ لِما رَوى ابنُ عُمرَ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «مَنْ حلَفَ بغيرِ اللهِ فقَدْ كفَرَ أو أَشرَكَ»(١).
القِسمُ الثالِثُ: أنْ يَجريَ ذلك على لِسانِه مِنْ غيرِ قَصدٍ إلى الحَلفِ به .. فلا يُكرَه، بل يَكونُ بمَعنى لَغوِ اليَمينِ، وعلى هذا يُحملُ قَولُ النَّبيِّ ﷺ للأَعرابيِّ الذي قالَ: واللهِ لا أَزيدُ عليها ولا أَنقُصُ، فقالَ النَّبيُّ ﷺ:«أَفلَحَ وأبِيه إن صدَقَ»(٢)(٣).
تَأويلُ العُلماءِ للقَسمِ الذي ورَدَ في القُرآنِ بغيرِ اللهِ تَعالى وقَسمِ النَّبي ﷺ بغيرِ اللهِ:
نصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ على أنَّ قَسمَ اللهِ ﷿ الواردَ في القُرآنِ ببَعضِ مَخلوقاتِه أنَّه ذلك فلهم تَأويلانِ فيها:
الأَولُ: أنَّ اللهَ تَعالى أَقسَمَ بمَصنوعاتِه الدالَّةِ على قُدرتِه تَعظيمًا له
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٢٥١)، والترمذي (١٥٣٥)، و «قالَ: قالَ أَبو عِيسى: هذا حَديثٌ حَسنٌ وفُسرَ، هذا الحَديثَ عندَ بعضِ أَهلِ العِلمِ أنَّ قولَه: «فقد كفَرَ أو أشرَكَ» على التَّغليظِ، والحُجةُ في ذلك حَديثِ ابنِ عُمرَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ سمِعَ عُمرَ يَقولُ: وأَبي وأَبي، فقالَ: أَلا إنَّ اللهَ يَنهاكُم أنْ تَحلِفوا بآبائِكم، وحَديثُ أَبي هُريرةَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ: مَنْ قالَ في حَلفِه: واللَّاتِ والعُزَّى فليَقلْ: لا إلهَ إلا الله. قالَ أَبو عِيسى: هذا مثلُ ما رُويَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ: إنَّ الرِّياءَ شِركٌ. وقد فسَّرَ بعضُ أَهلِ العِلمِ هذه الآية ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ [الكهف: ١١٠] الآية قالَ: لا يُرائِي». «سنن الترمذي» (٤/ ١١٠). (٢) أخرجه مسلم (١١). (٣) «البيان» (١٠/ ٤٩٣، ٤٩٤)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٢٦٣).