وأما ما ورَدَ أنَّه ﷺ قالَ:«أَفلَحَ وأبِيه» فللعُلماءِ فيها ثَلاثةُ تَأويلاتٍ:
أحدُهما: أنَّها كَلمةٌ تَجري على اللِّسانِ لا يَقصِدُ بها اليَمينُ.
الثانِي: أنَّ هذه لَفظةٌ غيرُ مَحفوظةٍ في هذا الحَديثِ مِنْ حَديثِ مَنْ يَحتَجُّ به كما يَقولُ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀، وقد رَوى هذا الحَديثَ مالكٌ وغيرُه عن أَبي سُهيلٍ لَم يَقولوا ذلك فيه، وقد رُويَ عن إِسماعيلَ بنِ جَعفرٍ هذا الحَديثُ وفيه:«أَفلحَ واللهِ إنْ صدَقَ» أو «دخَلَ الجَنةَ واللهِ إنْ صدَقَ» وهذا أَولى مِنْ رِوايةِ مَنْ رَوى «وأبِيه»؛ لأنَّها لَفظةٌ مُنكرَةٌ تَردُّها الآثارُ الصِّحاحُ (٢).
الثالِثُ: أنَّه لو ثبَتَ فالظاهِرُ أنَّ هذا كانَ قبلَ النَّهيِّ عنِ الحَلفِ بغيرِ اللهِ تَعالى؛ لأنَّ عُمرَ قد كانَ يَحلِفُ بها كما حلَفَ بها النَّبيُّ ﷺ ثم نَهى عن الحَلفِ بها ولَم يَردْ بعدَ النَّهيِّ إِباحةٌ (٣).
(١) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٠٤)، و «عمدة القاري» (٢٣/ ١٧٥). (٢) «التمهيد» (١٤/ ٣٦٧). (٣) «المغني» (٩/ ٣٨٦)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٠٤)، و «عمدة القاري» (٢٣/ ١٧٥).