اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّه يُشترَطُ في الإمامِ أن يَكونَ مُسلِمًا؛ فلا تَصحُّ الصَّلاةُ خلفَ الكافرِ الذي يُعلِنُ كُفرَه (١).
ثم إنَّهم قدِ اختَلَفوا في إمامةِ الفاسِقِ:
فذَهب أبو حَنيفةَ والمالِكيَّةُ في الأصَحِّ عندَهم والشافِعيُّ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى صحَّةِ إمامةِ الفاسِقِ مع الكَراهَةِ؛ لمَا رُويَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ:«صَلُّوا خلفَ مَنْ قالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ»(٢)؛ لأنَّه رَجلٌ صَلاتُه صَحِيحَةٌ؛ فصحَّ الائتِمامُ به، كغيرِه، ولقولِه ﷺ:«صَلُّوا خلفَ كلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ»(٣)، وقد صلَّى ابنُ عمرَ وغيرُه خلفَ الحَجَّاجِ بنِ يُوسفَ، مع أنَّه كانَ أفسَقَ أهلِ زَمانِه، حتى كانَ عمرُ بنُ عَبد العَزيزِ يَقولُ: لو جاءَت كلُّ أُمَّةٍ
(١) «رَدُّ المُحتار» (١/ ٥٥٠)، و «معاني الآثار» (٤٩٠٨)، و «الذَّخيرة» (٢/ ٢٣٧)، و «بُلغة السَّالك» (١/ ٢٨٥)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٤١)، و «المغني» (٢/ ٤١٣)، و «المجموع» (٥/ ٣٣١). (٢) رواه الدَّارقُطنيُّ (٢/ ٥٦)، وفي إسناده عُثمانُ بن عبد الرحمن، هو الزُّهريُّ الوقاحيُّ: متروك، وأبو نُعَيمٍ في «الحِلية» (١٠/ ٣٢٠)، وفي إسناده نَصرُ بنُ الحَرِيشِ الصامت، قال الدَّارقُطنيُّ: ضَعيف، ورواه ابن عَدِيٍّ في «الكامِلِ» (٣/ ٤٣)، وقالَ: مُنكر، وذَكَره الألباني في «الإرواء» (٢/ ٣٠٥)، وقالَ: كل طُرُق الحَديث واهية جدًّا. (٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٢٥٣٣)، والدَّارَقُطنِيُّ (٢/ ٥٧)، والبَيهَقيُّ وفي «الكبرى» (٤/ ١٩)، وغيرهم.