وقالَ الإمامُ زينُ الدِّينِ العِراقيُّ ﵀: والمَعنى في تَحريمِ الخَلوةِ بالأجنَبيةِ أنه مَظنةُ الوُقوعِ في الفاحِشةِ بتَسويلِ الشَّيطانِ، وروَى التِّرمذيُّ عن جابرٍ مَرفوعًا:«لا تَلجُوا على المُغِيباتِ، فإنَّ الشَّيطانَ يَجرِي مِنْ أحَدِكم مَجرَى الدَّمِ»، وروَى النَّسائيُّ عن عُمرَ ﵁ مَرفوعًا:«لا يَخلُوَنَّ رَجلٌ بامرأةٍ، فإنَّ الشَّيطانَ ثالثُهُما»، وقد حكَى النَّوويُّ وغيرُه الإجماعَ على تَحريمِ الخلوةِ بالأجنَبيةِ وإباحتِها بالمَحارمِ (١).
خَلوةُ الرِّجالِ بإمرَأةٍ:
ذهَبَ الشَّافعيةُ في المَشهورِ عندَهم والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يَجوزُ للرَجلينِ أو لِأكثَرَ أنْ يَختَلُوا بامرأةٍ أجنبيةٍ؛ لِما رواهُ مُسلمٌ عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ ﵄: أنَّ نَفَرًا مِنْ بَني هاشمٍ دَخلُوا على أسماءَ بنتِ عُمَيسٍ، فدخَلَ أبو بَكرٍ الصدِّيقُ وهي تحتَه يَومئذٍ، فرَآهُم فكَرِهَ ذلك، فذكَرَ ذلك لرَسولِ اللهِ ﷺ وقالَ: لم أَرَ إلَّا خيرًا، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ:«إنَّ اللهَ قد بَرَّأَها مِنْ ذلك، ثمَّ قامَ رسولُ اللهِ ﷺ على المِنبرِ فقالَ: لا يَدخُلنَّ رَجلٌ بعدَ يَومِي هذا على مُغِيبةٍ إلَّا ومعه رَجلٌ أو اثنانِ»(٢).