لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ في تَقديمِ الأعلَمِ والأقرَأِ على سائرِ الناسِ، ولو كانَ في القَومِ مَنْ هو أفضَلُ منه في الوَرَعِ والسُّننِ وسائرِ الأوصافِ، إلا أنَّهم قدِ اختَلَفوا في: أيُّهما يُقدَّمُ على صاحِبِه: هلِ الأقرَأُ أو الأفقَهُ؟
فذَهب الإمامُ أحمدُ وأبو يُوسفَ مِنْ الحَنفيَّةِ إلى تَقديمِ الأقرَأِ الذي يُحسِنُ جَميعَ القُرآنِ، ويَعلَمُ أحكامَ الصَّلاةِ، وإن كانَ الآخَرُ يَعرِفُ مِنْ الفِقهِ أكثرَ ممَّا يَعرِفُ، ويُحسِنُ مِنْ القُرآنِ ما تُجزِئُ به الصَّلاةُ.
وذلك لقولِ النَّبيِّ ﷺ:«يَؤُمُّ القَومَ أَقرَؤُهُم لِكتابِ اللهِ، فَإِنْ كانُوا في القِراءَةِ سَوَاءً فَأَعلَمُهم بِالسُّنةِ، فَإِنْ كانُوا في السُّنةِ سَوَاءً فَأَقدَمُهم هِجرَةً، فَإِنْ كانُوا في الهِجرَةِ سَوَاءً فَأَقدَمُهم سِلمًا». قالَ الأَشَجُّ في رِوايَتِه -مَكانَ سِلمًا-: «سِنًّا»(٢).