والثاني: أنَّه يُنجَّسُ، وهو قَولُ أبي القاسمِ الأنماطيِّ؛ لأنَّه ماءٌ قَليلٌ لاقَى نَجاسةً، فأشبَهَ ما إذا وقَعَت فيه نَجاسةٌ.
والثالِثُ: أنَّه إنِ انفصَلَ والمَحلُّ طاهِرٌ فهو طاهِرٌ، وإنِ انفصَلَ والمَحلُّ نَجسٌ فهو نَجسٌ، وهو قَولُ أبي العَباسِ بنِ القاصِّ؛ لأنَّ المُنفصلَ في جُملةِ الباقي في المَحلِّ، فكانَ حُكمُه في النَّجاسةِ والطَّهارةِ حُكمَه (١).
الماءُ المُستعمَلُ عندَ الحَنابِلةِ:
ظاهِرُ المَذهبِ عندَ الحَنابِلةِ أنَّ الماءَ الذي استُعملَ في رَفعِ الحَدثِ ولم يَتغيرْ أحدُ أَوصافِه طاهِرٌ غيرُ مُطهِّرٍ، لا يَرفعُ حَدثًا ولا يُزيلُ نَجسًا.
وعن الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ أُخرى: أنَّه طاهِرٌ مُطهِّرٌ يَرفعُ الحَدثَ ويُزيلُ الخَبثَ (٢)؛ لأنَّه غُسلَ به مَحلٌّ طاهِرٌ، فلم تَزلْ به طَهوريتُه كما لو غسَلَ به الثَّوبَ، ولأنَّه لاقَى مَحلًّا طاهِرًا فلا يَخرجُ عن حُكمِه بتَعدِّيه الفَرضَ به، كالثَّوبِ يُصلَّى فيه مِرارًا.