وقالَ الحَنابلةُ: يَحرمُ التعزيرُ بحَلقِ لِحيتِه؛ لِما فيه مِنْ المُثلةِ (١).
وهذا مُقتضَى كَلامِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ، إلا أنني لم أَقفْ لهم على قَولٍ.
سُقوطُ التَّعزيرِ بالتَّوبةِ:
نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ على أنَّ الإنسانَ إذا فعَلَ مَعصيةً للهِ تعالَى ثم جاءَ تائبًا إلى اللهِ فإنه لا يُعزَّرُ؛ لِما رواهُ ابنُ مَسعودٍ ﵁ «أنَّ رَجلًا أصابَ مِنْ امرَأةٍ قُبلةً، فأتَى النبيَّ ﷺ فأخبَرَه، فأنزَلَ اللهُ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤]، فقال الرَّجلُ: يا رَسولَ اللهِ ألِيَ هذا؟ قالَ: لجَميعِ أمَّتِي كُلِّهم» (٢).
وفي رِوايةٍ لمُسلمٍ: «أنَّ رَجلًا أتَى النبيَّ ﷺ فذكَرَ أنهُ أصابَ مِنْ امرَأةٍ إمَّا قُبلةً أو مَسًّا بيَدٍ أو شَيئًا دُونَ الفاحِشةِ» (٣).
والمُرادُ بالمَسِّ الجِماعُ، ومعناهُ: استَمتعتُ بها بالقُبلةِ والمُعانَقةِ وغيرِهما مِنْ جَميعِ أنواعِ الاستِمتاعِ إلا الجَماعَ (٤).
وعن عائِشةَ ﵂ أنها قالَتْ: «جاءَ رَجلٌ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ فقالَ: احتَرَقتُ، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: لِمَ؟ قالَ: وَطِئتُ امرَأتي في رَمضانَ نهارًا، قالَ: تَصدَّقْ تَصدَّقْ، قالَ: ما عِندي شيءٌ، فأمَرَهُ
(١) «الإنصاف» (١٠/ ٢٤٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٥٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٢٢٨).(٢) رواه البخاري (٥٠٣)، ومسلم (٢٧٦٣).(٣) رواه مسلم (٢٧٦٣).(٤) «شرح صحيح مسلم» (١٧/ ٨٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute