ضَمانُ المَعرِفةِ: مِثلَما لو جاء رَجُلٌ يَستدينُ مِنْ إنسانٍ، فقال:«أنا لا أعرِفُك فلا أُعطيك»، فجاء رَجلٌ آخَرُ وقال:«أنا ضامِنٌ لكَ مَعرِفتَه»(١).
اختلَف العُلماءُ في ضَمانِ المَعرِفةِ هل يَصحُّ أو لا؟ على قَولَيْن:
القَولُ الأولُ: وهو قَولُ الحَنفيَّةِ: أنه لا تَصحُّ الكَفالةُ بضَمانِ المَعرِفةِ فَقطْ دونَ ضَمانِ إحضارِه، فلو قال الكَفيلُ: أنا ضامِنٌ لِمَعرِفتِه دونَ إحضارِه، فهو باطِلٌ؛ لأنَّ مُوجِبَ الكَفالةِ التَّسليمُ، وليس المَعرِفةَ.
وكذلك لو قال الضامِنُ: أنا ضامِنٌ أنْ تَلتَقيا أو تَجتَمِعا، فهو باطِلٌ؛ لأنَّ التِقاءَهما أو اجتِماعَهما مِنْ فِعلِهما، ولا يَكونُ الإنسانُ ضامِنًا لِفِعلِ غَيرِه (٢).
القَولُ الثاني: وهو قَولُ الحَنابِلةِ: يَصحُّ ضَمانُ المَعرِفةِ: فلو قال الضامِنُ: «ضمِنتُ لكَ مَعرِفتَه»، صحَّ الضَّمانُ وأُخِذَ به، فكأنَّه قال له:«ضمِنتُ لكَ حُضورَه متى أردْتَ»، لأنَّك لا تَعرِفُه (٣).
(١) «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ١٣٠). (٢) «المبسوط» (١٩/ ١٧٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٤٢١)، و «اختلاف الفقهاء» (١/ ٢٣٥)، و «فتح القدير» (٧/ ١٦٧)، و «بدائع الصانع» (٧/ ٣٦٩)، و «تبين الحقائق» (٤/ ١٤٨)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٢٥٦). (٣) «الإنصاف» (٨/ ٤٢١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ١٣٠)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٣١٥).